كلما وهب الله الناس وسائل أكثر جدوى، كلما طمحوا للتعرُّف على ما يستدعى الإهتمام.
الجنين عادة يجتذب الكثير من الفضول المعرفي، و خاصة من قٍبل الأبوين والأقارب، و لقد أتاح وجود أجهزة الأشعة الصوتية (السونار)، إمكانيات التعرُّف على التركيب الخِلقي للجنين، مثلا في أغلب الأحيان نطمئن على أن الطفل متكامل الأعضاء، وليس به أى تشوُّهات خلقية، كما أننا نتابع تطور نمو الجنين ، إذ في بعض الأحيان ، قد يكون معدل نمو الجنين أقل من المعدل العام لنمو الأجنّة، و هذا يجعل الأم بحاجة إلى عناية مكثّفة، حتى يتم توليدها قبل أن يتناقص نمو الجنين لدرجة تنتهي بالوفاة الجنينية، وفي أحيان أخرى، يكشف لنا السونار تشوُّهات جسدية مثل ثقب في القلب بين الأُذينيْن، أو ثقب بين البطينيْن، و كل عضو في الجسد له تشوهاته الخاصة، و هذه قد تستدعى المتابعة بعد الولادة، وبعضها يستدعي إجراء عمليات تصحيحية، و الأهم في هذا الموضوع هو أن بعض هذه التشوهات تستدعى تدخلاً طبياً، دوائياً أو جراحياً، بمجرد الولادة، و هنا يحتاج الطبيب إلى ترتيب مكان الولادة ، بحيث يمكن تقديم الخدمة المطلوبة إلى الجنين ، و تلك الخدمة على الأغلب، لن تكون متوافرة إلا في مستشفيات قليلة. و في أحوال نادرة، توجد مجموعة من العيوب الخلقية في الجنين، قد تجعل إمكانيات الحياة معدومة .
نلاحظ هنا أن وجود وسيلة لاكتشاف المجهول مثل السونار، ترفع مستوى السعادة عند الحوامل عندما تكون الأمور مطمئنة، و تساعد الحامل على التعامل مع الحمل الصعب، الذي وُصف في كتاب الله الكريم بأنه (وهن على وهن)، و لكن ما قد يظهره السونار من عيوب و إن كان قليلا جداً، إلا أنه يسبِّب قلقاً شديداً و معاناة بالغة للأم و للأسرة، و أحيانا يظهر السونار أشياء قد لا يكون لها تفسير في اللحظة الراهنة، ورغم أنها في معظم الأحوال لا تضر بالطفل، إلا أن ما تثيره من قلق وأرق للأم ، يجعل الجهل بها غير ضار. و في حالة اكتشاف شيئ من ذلك ، فإن مهمة الطب، أن توصل المعلومة الصحيحة دون إستفزاز مشاعر الأم، و مع تهيئة جو العيادة ليسمح بتوفير الدعم النفسي للحامل، لا بدّ من وجود مرافق متمكِّن من هدوء الأعصاب، و هذا أمر ضروري لتجاوز هذه المرحلة الصعبة.
كثير من الحوامل وخاصة بعد الأجواء المفتوحة التي تحمل المعلومات، يعانين من قلق ، بين إجراء السونار و معرفة النتيجة، حتى و إن كانت النتائج مفرحة في الغالب، لكن يجب أن نتذكَّر أن هذا قضاء الله، وأن ما يصل إلى ثماني وتسعين في المائة من النتائح مطمئنة ،و تستدعى شكر الله الواهب، أو الصبر الذي يرفع الدرجات.