اجتماعية مقالات الكتاب

لماذا نتردد في الاستثمار في الموظفين ؟

الإستثمار في الموظفين ،هو إستثمار يؤتي أُكله بعد حين، والعائد الأكبر منه على المدى الطويل، هو جذب الموظفين من ذوي الجودة العالية، وجعلهم أكثر ميلًا للبقاء مع صاحب العمل في الشركة التي يعملون فيها معه، ما يساعد الشركة على الإستعداد للمستقبل، فيما يعدّ الإستثمار في الموظفين، أمراً ضرورياً لأى شركة حتى تنجح وتحقق أهدافها، ويكون الموظف راضياً عن وظيفته، ويبقى فيها لوقت أطول، آخذين في عين الاعتبار أن الاحتفاظ بالمواهب الوظيفية في سوق
العمل التنافسي الذي نراه اليوم، أمر في غاية الصعوبة، والملاحظ أن العديد من المدراء يعانون من الشعور بالغضب، أو الإحباط، بعد رؤية موظف كفؤ تم الإستثمار فيه، من خلال برامج التدريب النظري والعملي في الشركة، يغادر المؤسسة بعد أن اكتسب الخبرة اللازمة.

كنت ألتقي من فترة لأخرى، بموظفين أعرفهم في وظائف معينة، وأتفاجأ عندما التقي بهم بعد عدة أشهر، أنهم انتقلوا إلى وظائف جديدة بعد اكتساب الخبرة والتدريب، والسبب الأول في ذلك، هو الزيادة في الراتب، ثم التقي بهم بعد عدة أشهر أخرى،وقد إنتقلوا إلى وظائف أخرى لأسباب مختلفة.

يتبادر إلى ذهني سريعاً، معرفة شعور صاحب العمل الذي استثمر في برامج تدريبية لهؤلاء الموظفين، وهو يراهم يغادرون إلى منافس آخر في سوق العمل، وقد تعلموا بعض أسرار العمل.

أنا شخصياً تعاملت مع موظفين استثمرت المال والوقت والجهد في تدريبهم، وبعد أشهر قليلة، رأيتهم يغادرون عند حصولهم على أي زيادة بنسبة 5٪، لأعيد الكرَّةَ مرة أخرى مع موظفين جُدد، وعن قناعة شخصية أقول: إنه لأمر طبيعي، ذلك أن البحث عن فرص عمل أفضل وتضمن للموظف النمو الوظيفي، حق مشروع لأي موظف، كما أن من حق صاحب العمل أن يغضب، إذا غادر الشركة أحد الكفاءات التي تم الاستثمار فيها، ليبقى السؤال: هل الإستثمار في الموظفين أمرٌ مجدِِّ؟

بعض الشركات باتت تتبع سياسة : (عدم وجود ميزانية لدينا للتدريب)، أو يقولونها صراحة: (لماذا نستثمر في تدريب موظف يخطط للمغادرة قريباً؟)

-للأسف- يؤمن أصحاب هذا النظرية، أن الموظف يجب أن يبقى إلى الأبد في الشركة، إلى أن تقرر التخلُّص منه متّى ما أرادت، هذا الزمن قد ولّى، وبات انتقال الموظف من وظيفة لأخرى، أمراً صحياً في بيئة العمل الحالية، وإلا كيف يتطوّر الفرد؟ و كيف يكتسب الخبرات؟ فضلاً عن أن ميزانية التدريب، لا يتم تجميدها أبداً في الشركات، إلا في حالات الأزمة الإقتصادية التي تمرّ بها ، وتوجيه تلك الموارد المالية لأمور أكثر أهمية.

إن الإستثمار في الموظفين، يمتد إلى ما هو أبعد من الرواتب، إذ يتعلق الأمر بتعزيز قيمتهم، والإعتراف بإمكانياتهم، وتشّجيع تطورهم، فيما تعمل هذه الإستراتيجية الشاملة على تعزيز الولاء، وتحّسين الأداء، وإنتاج قوة عاملة ديناميكية ومرنة، يمكنها التغلُّب على أي مشكلة، و لا يجب أن يعتمد قرار التدريب والتطوير، على احتمال تركهم للشركة مقابل عدم تركهم.

إن الإستثمار في البشر، هو أكثر من مجرد تكلفة، إنه استثمار في مستقبل الشركة، ولا يجب أن نتعامل مع تدريب الموظفين، على أنه (عوائد للإستثمار)، بينما المفهوم أعمق من ذلك بكثير، حيث أن تدريب الموظفين، يحسِّن من أداء الشركة، تحسِّينه من أداء الموظفين ورؤيتهم، ويجعلهم أكثر تركيزاً وإيجابية، بل إن الإستثمار فيهم، وصقل مواهبهم، سيرفع من أسهم الشركة في حال غادرها موظف تم تأهيله جيّداً.

لابدّ أن نفهم أن مسألة الإستثمار في تدريب الموظفين، ليست متعلِّقة ببقاء الموظف أو مغادرته، بل بشكل أساسي، بالتطور مقبل الركود، وأي مدير لايؤمن بهذا المبدأ، عليه الدخول في دورة تدريبية لتغيير هذا المفهوم.
أعجبني كاريكاتير يناقش أزمة أغلب الشركات في تدريب الموظفين، قال أحد المدراء : ماذا لو دربّناهم وغادروا؟ ليجيبه المدير الآخر: “ماذا لو قررنا عدم تدريبهم وقرروا البقاء؟

ممّا تقدم، نخلص إلى أن الإستثمار في الموظفين، يساعد على إدارة الشركة بشكل أفضل، ويجعل الموظفين المُدَرَبين، يتعاملون بشكل أفضل مع المهام المكلفين بها،ممّا ينعكس على استقرار بيئة العمل وزيادة الإنتاجية.

jebadr@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *