اجتماعية مقالات الكتاب

بين كذبة العلم وصحة الموروث

حين سمعت لأول مرة أن وصفة شراب الليمون الأسود المغلي مفيد لآلم المعدة، لم أتعجب أو أنكر شدة حرارتها على المعدة التي تضاعف الضرر للأسوأ، لأني وخلال جلسات علاج أمي بالكيماوي من سرطان الثدي كان الأغلبية ينصحوني بوصفات يمكنها أن تساعد في تجاوز المرض دون الحاجة لتلك الجلسات، ولولا أن الطبيب قام بتحذيرها بلهجة شديدة القسوة من الإستماع إليهم ، لكانت اليوم تعاني من آثار تلك الوصفات.

فمن وصفة طبيب لحكايات المجالس، تأتي الكثير من النصائح لمريض قد تؤدي به حين يستمع إليها إلى التهلكة، ليس هذا فحسب، بل إن شغف المريض بالبحث عن حل سريع لتفادي الألم يجعله فريسة الإنترنت ومواقع الطب والخلطات التي لا تغنيه عن الطبيب ممّا يجعل البعض يستغل تلك الخزعبلات تحت مسمّى الطب البديل.

ورغم تطور مجالات الحياة بصورة متسارعة، سواء العلمية أو العملية إلا أن الموروث ووصفات الجِدة العلاجية دائماً تكون الأصدق عند الأغلبية، ولم لا وهي متوارثة من السابقين ولا يمكن أن يكون هناك مجال للخطأ فيها بحسب الإعتقاد السائد.
فمثلاً شراب البرتقال يمكنه علاج كل أنواع الزكام دون الحاجة للذهاب للطبيب، أو الصراخ الفجائي يمكنه علاج المصاب بالفواقة بغض النظر عن تعرضه لصدمة نتيجة الصراخ عليه دون علم منه.

وفي فيلم “my big fat Greek wedding” الجزء الأول الذي يحكي قصة زواج شخصين كان والد البطلة يُصر أن منظّف الزجاج يمكنه إصلاح الكثير من المشاكل، حتى إنه وصل إلى انه سيقوم بمحو حزن إبنته لشدّة ما هو مؤمن بهذا الأمر.

وحتى لا نقع في جانب الجهل فهناك فرق بين التصديق بذلك والإيمان به، فالتصديق بأن الموروث في الوصفات أو العادات يصدف نجاحه مع البعض، لكن من الخطأ الإيمان أنه يناسب الجميع بحيث أن نسبة نجاح تجربته تكون عالية جداً، وهذا أمر قد يؤدي لهوس مجتمعي، وعدم اللجوء للعلم الذي من شأنه أن يكون الحل الأمثل.

ولكن ليس صندوق الجِدات وموروث القصص وحده ما يظلم العلم ويجعله بلا جدوى بالنسبة للبعض، بل إن انتشار ثقافة الغيبيات والخزعبلات التي استهوت كثيراً من الشباب والشابات وغلّفت بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وتحركات القمر وأشكال النجوم ،ما جعلهم ينساقوا خلفها لدرجة التعلق بالوهم وعدم التفّريق بينها وبين اليقين بالله ونسيان ما قاله لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى: “أنا عند حسن ظن عبدي بي” فتصيب المصدق بها بالإحباط والحزن، فيما أن العلم والمعرفة كان يمكنهما أن يحافظا على تفكيره وتحّكيم حياته برجاحة عقله.

‏‪@i1_nuha

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *