اجتماعية مقالات الكتاب

بعد الزحمةبعد الزحمة

لكل من صنعت منه الزحمة شخصاً عَكِر المزاج واستهلكت كل لحظة كانت من الممكن أن تكون سعيدة لو أنه نظر إليها من زاوية الفرح..
لكل من حرم أسرته من الخروج بحجة أن الشوارع لا تُطاق والأماكن مزدحمة بالناس..،
لكل من لم يشارك أسرته بهجتهم وبقي في منزله يشاهد التلفاز في عزلة مستمتعاً بوحدته..،

لكل من طغت أنانيته وظن أن العيد يخصه وحده..، لهم جميعاً أقول: كم أنتم محرومون..! كانت لديكم الفرصة لصنع سعادة حقيقية لا تتطلب سوى روح العيد وما تحمله من قلب مفعم بالفرح، ونفس محبة للمشاركة، وإرادة تقبل التغيير.

انتهت الزحمة، وعادت الطيور المهاجرة إلى أوطانها، وروتين الحياة عاد لوتيرته السابقة بعد أن استمتعنا جميعاً بفاصل جميل يجمع مسلمي الكرة الأرضية ومن يواليهم، محتفلين بعيد الفطر السعيد، وارتدى العالم حلّة جديدة يودع بها شهر الطاعات ويستقبل الزائر السنوي المبتهج، مهّما كان ما تحمله الظروف من قسوة وألم فلا مكان له في تلك اللحظة التي يُعلن فيها عن ظهور هلال شهر شوال، لتلمّلم مشاعر الضيق نفسها وتنزوي في ركن بعيد لفترة من الزمن.

إنتهت الزحمة وكل ما تسبّبه من فوضى في البيوت والطرقات وداخل المحلات : فوضى محمودة حتى لو كانت مصحوبةً ببعض التوتّر والقلق إلا أنها فوضى مبرّرة فالإحتفال عظيم والمحتفى بهم كُثر، ومهّما كنت بارعاً في التنظيم ،لن تنجو من ظلال تلك الفوضى، ستكون سعيداً بها بالرغم من مثاليتك التي تتنافي معها، من باب التغيير على الأٌقل.

وماذا بعد الزحمة؟
كانت فرصةً قد تكون حقّقت الكثير مما تأمل فيها ، ودعوت ربك بكل ما تتمناه في حياتك ،ووضعت مخططاً للمستقبل يبدأ من لحظة رفع يدك وأنت تضع تمرة أو جرعة ماء في فمك وتبتهل بالدعاء وقد رتبت جدولاً بتلك الأدعية فلحظات العطاء بين يديك والمعطي مدهش في عطائه ليس عليك إلا أن تخلص وتتيقن أن الجواب آتِِ ولعلك فطنت إلى كل النعم التي مُنحت لك وأنت تنظر في من حولك على طاولة الطعام مردّداً الحمد والثناء أن جعل لك الله عزوةً من أهلك فلا تدري هل ستكون هي نفس الصورة في العام القادم أم أنها ستنقص وربما تزيد؟

سؤال يجب أن تطرحه على نفسك : ما الذي أحدثه فيك شهر من الطاعات أعقبته أيامُُ ممزوجة بالتراحم والتعاطف والتواصل..، هل خرجت من تلك التجربة الفريدة من نوعها كما كنت ،أم صنعت منك شخصاً
جديداً تغيرت أفكاره واعتنق أساليب حياة جديدة تجعل من حياته عالماً أجمل؟
إن كنت قد خرجت كما دخلت ،فاسمح لي أن أهمس لك بخبر لن يسعدك :( لقد فقدت الكثير ولا أضمن لك أن تكون هناك فرصة أخرى جديدة تغتنمها العام المقبل فالأعمار بيدي الله )

eman_bajunaid@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *