اجتماعية مقالات الكتاب

الغليان النفسي

يعد السكوت عن الكلام مع القدرة عليه صمتاً، والصمت في أصل ذاته حمية للفرد ولعقله؛ حيث إنه ينفصل عن الاستماع إلى العالم الخارجي، ويستمع إلى صوته الداخلي، ويتصل مباشرة بمكنونات روحه، وهذا الصمت منافعه واضحة واللجوء إليه فعال جدا في وصول الفرد إلى السلام والاستقرار.

أننا وبلا جدال معرضون للضغوط النفسية المتفاوتة في حدتها، وهذه الضغوط تصنعنا وتصقل شخصياتنا على نحو سريع إذا تعاملنا معها ببراعة عالية، ومرونة في التعاطي معها، ولكن ماذا لو أن هذه الضغوط المستمرة أصبحت عالما لا يراه ولا يشعر به سوانا؟
قد يمر الفرد منا بضغوط ومواقف، ويدخل بعدها في حالة صمت، وهذا الصمت ليس صمتًا كما هو ظاهر على الشخص، بل إنها حالة من الكلام الانفعالي الداخلي؛ حيث إن المواقف كلها التي حصلت للفرد تدور بينه وبين عقله وكأن هناك صوتاً في داخله يتكلم دون توقف، وهذا كفيل بإصابة الفرد بالتشتت وظهور بوادر القلق عليه.

يحدث الغليان النفسي حين يصمت الفرد عن كل ما يؤذيه فلا يعبر عنه، ولا يتحدث عن ما يؤلمه ويكف عن التعبير عن مشاعره، التعبير الذي بدوره يخفف وطأة الألم النفسي؛ حيث إن الكلام بدوره يعد تفريغًا نفسيًا يسهم في ترتيب الأفكار، ويساعد الفرد على التخلص من مشاعره الحبيسة التي لا تهدأ

يصل الفرد منا إلى درجة الغليان النفسي عند التوقف عن مشاركة المشاعر السلبية والتعبير عن الحالة النفسية؛ مما يتسبب هذا الصمت بخلل واضح في شخصية الفرد؛ حيث إنه يصبح ساكنًا غاضبًا، ويتعامل مع كل موقف يمر به بغضب عارم مع تزايد نسبة نقصان الثقة بذاته وبقدراته ولذا علينا أن نعي أن الصمت هو سكون لا بد منه، ولكن ليس في ظل الضغوط فالكلام في هذه الحالة يعد شفاءً وسلامًا.

fatimah_nahar@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *