اجتماعية مقالات الكتاب

المشيمة الملتصقة والعمليات القيصرية

المشيمة عضو مهم وعجيب من حيث قدراته ، يعمل وسيطا بين الأم والجنين، تستلقي المشيمة على جسم الرحم، وتنشأ بينها وبين جسم الرحم روابط عضوية كفؤة ، تشبه ما تفعله جذور الاشجار تحت سطح التربة ، عادة لا تتجاوز انسجة المشيمة عمقا يصل الى ثلث سماكة الرحم ، و هذا كاف للاقتراب من الدورة الدموية داخل جدار الرحم ، يتيح هذا أن تنتقل كل المواد التي يحتاجها الجنين – بناء على خواصها الفيزيائية والكيميائية- من دم الأم الى المشيمة ، ثم تنتقل عبر الاوعية الدموية الموجودة في الحبل السري الى الجنين ، و بعد ان يتم استهلاكها في العمليات الحيوية الضرورية للنمو داخل جسم الجنين ، يتحول بعضها الى مخرجات غير مفيدة، تنتقل بالاتجاه المعاكس من الجنين الى المشيمة ثم الى جسم الأم ليتم التخلص منها. ويتوقف النمو الطبيعي للجنين على قدرة المشيمة على أداء وظيفتها بكفاءة.

في حالات نادرة تقوم أنسجة المشيمة باختراق أكثر من ثلث جدار الرحم بل قد تتجاوزه الى اختراق الاعضاء المجاورة ، وهذا ما يُسمى بالمشيمة الملتصقة ، ويعتقد ان السبب هو فشل جدار الرحم في إنتاج الغشاء الذي يشكل حاجزا بين المشيمة و طبقات الرحم العميقة ، كما يبدو وأن هذا الامر مرتبط بعمليات شق جدار الرحم مثل العمليات القيصرية . فقد تزايد حدوث هذه الحالات عالميا خلال الأربعين عاما الماضية، كانت نسبة هذه الحالات أقل من واحد في الألف من الولادات و اصبحت ثلاثة في الألف ، وهذه الزيادة ناشئة عن زيادة نسبة العمليات القيصرية.

في الحالات الطبيعية، وبمجرد أن ينقبض جدار الرحم بعد الولادة تنفصل المشيمة وتخرج من الرحم ، ولذا كانت تسمى الخلاص، لأنها تعني انتهاء الولادة، لكن في حالة المشيمة الملتصقة يصعب فصل المشيمة عن الرحم عند الولادة، وهذا يؤدى الى نزيف شديد، قد يستدعي استئصال الرحم. وهذه العملية هي الأصعب بين كل عمليات الجهاز التناسلى التى قد تتعرض لها المرأة . خاصة وان احتمال حدوثها يتزايد بتزايد عدد العمليات القيصرية التي مرت بها الحامل من قبل , إذ يحتاج الطبيب فيها الى التعامل مع الالتصاقات التى تكثر الي درجة يصعب التعامل معها بتكرار العمليات، ولذا في طبيب النساء والولادة في منطقتنا من العالم يتعامل مع عدد أكبر من هذه الحالات مقارنة بزملائه من العاملين في اوروبا ، في أوروبا الغربية نادرا ما تدخل المرأة في تجربة اكثر من عمليتين قيصريتين، لكن عندنا يمكن تصل الى اربع عمليات وأكثر ليس غريبا.

في كل المراكز الطبية يحتشد لهذه الحالة فريق من جراحة الامراض النسائية وفريق من قسم التخدير، ويسندهم فريق من بنك الدم وأحيانا فريق من المتخصصين بالأشعة التداخلية، لتمر المسألة بسلام. وعادة ما تشكل كل مستشفى فريقا مترابطا من كل المعنيين، بحيث يكون جاهزا للتعامل مع هذه الحالات في كل وقت.

sshehry19988@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *