اجتماعية مقالات الكتاب

هؤلاء إلى رحمة الله

هؤلاء الثلاثة فقدتهم خلال شهر واحد تقريباً.
إذ انتقل أبو مهند محمد أبي بكر سلامة إلى دار البقاء ليلة السنة الميلادية الجديدة وكان نعيه شديد الوقع على أنفسنا نحن أهله وابنه مهند وإخوته، إذ غادرنا بين عشية وضحاها.

لم يكن أبو مهند مهتماً بالحياة إذا قارناه بهمه وهاجسه الأكبر ألا وهو إرساء عمل أو علم لابنه الوحيد مهند، الأمر الذي كان يشكل اهتمامه الكبير، وهمه الوحيد – رحمك الله أخي أبا مهند – كان حلمك وأملك إيجاد فاعلية عملية أو تعليمية لابنك الذي لم يستقر أمره على قرار، وإنما – والله نسأل – أن يكون ما مضى اعتباراً أو عبرة بعد الوصول إلى الأمر الواقع، فالله يبارك في هذا الإرث ويجعل هذا الشبل من ذاك الأسد.

على أن للفقيد الكريم عملاً بدأه بالتعاون الصحفي مع جريدة – البلاد- فكان يرسل كلمات في السيرة النبوية والصحابة إبان رئاسة تحريرها بين الشيخ عبدالمجيد شبكشي – رحمه الله – وذلك خلال خواتيم السبعينات الميلادية الماضية، تلا ذلك العمل الصحفي من مكتب – البلاد – بأم القرى ، كانت هذه المرحلة زاخرة بالأحداث، فكان محمد أبو بكر يقوم بتغطية المناسبات بما في ذلك شهور الحج والمواسم العامة وكان ملموساً أسلوبه الصحفي في ذلك كله! ثم – إضافة إلى ذلك – إجراء الحوارات الصحفية مع كبار المسؤولين ومديري المراكز والإدارات الرسمية وهكذا أمضى أبو مهند صحفياً ومحرراً وناشطاً في عالم الصحافة وبالذات في أم القرى. لكن دخل من خلال التألق – وكان جديراً به – اقصد التألق الاجتماعي حينما كرَّس الحوار إلى تاريخ حجازي بعنوان – حياتهم – دوَّن لأعلام مضوا في الحجاز ليس في مكة وحدها ولكن جمع المعلومات عن هؤلاء بالبحث والمدارسة والمذاكرة من جدة والطائف والمدينة المنورة حيث كانت رحلاته إلى هؤلاء بسيارته الخاصة وتصور – أخي القارئ – المشقة البدنية التي يعانيها من في مثل هذه الحال ولكن الشاعر المتنبي يقول:

وإذا كانت النفوس كباراً .. تعبت في مرادها الأجسام.
وللتاريخ أقول إن حصيلة – حياتهم – التي نشرها أبو مهند على صفحات – البلاد – لم تكن قليلة العدد بل إنها مجموعة جمة من المواد والمحاور لسير من أعلام الحجاز الأغر !
قرر أبو مهند تسليمها – وكنت معه – عندما زار الدكتور الأستاذ عبدالوهاب أبو سليمان في داره القديمة بحي العزيزية خلال بداية الألفية الثالثة. وكان ثمرته إحالات الكثير من أبي سليمان في موسوعته الكبرى – باب السلام – لنصوص من مجموعة – حياتهم – رحم الله العزيز الذي فقدناه وجعل من جهده في حياته العلمية والعملية وسيلة تنفعه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

أما أبو رائد فهو الأخ العزيز سعيد بن سالم باعمر باسلامة الذي فقدناه مؤخراً وبوفاته أفل نجم آخر من أسرتنا آل باسلامة.
كان سعيد بسيطاً في حياته سواء في علمه وعمله، لا يأبه إلا بالواجب، الواجب الاجتماعي وواجب أسرته. كان له ذلك في حياته معروفاً من المجموعة الشبابية بين جدة ومكة، وله أوليَّات في السبق بيننا نحن لآل باسلامة. في مرحلة ما قبل حتى الهاتف – فكان سعيد هو المرسول بين الجميع، يمتطي سيارة التاكسي ليخبر نعي أحد من الأسرة على سبيل المثال أو أمر أسري اجتماعي الشيء الذي تميز به بيننا أبو رائد رحمه الله تعالى.

أما أبو صلاح، فهو الأخ النسيب سالم بن سعيد عسكر، رحمه الله رحمة الكرام الأبرار، حيث فقدناه وهو في المكلا بحضرموت كان يتوزَّع بين جدة وبين المكلا إذ رأى من عمله الذي كان أساسه -التقسيط المُيسّر- وقد نجح في هذا العمل كثيراً، ولسان حاله بين هذا وذاك بحمد الله كثيراً. مُيسراً لطلبات التقسيط المريح لمن أراد ثلاجة أو مكيفاً أو موقداً، الشيء الذي ارتاد بناة الأسر من الشباب الجدد هذا العمل المشروع، ولا نقول – ختاماً – إلا ما قاله الصابرون: “إنا لله وإنا إليه راجعون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *