اجتماعية مقالات الكتاب

علمني الجن

قديما كانت قصص الرعب عن الجن، هي فيلم الأكشن في ليالي السمر وخاصة الرحلات البرية، عندما تغيب الشمس ويَجنُ الليلُ، تشخص الأبصار، وتبلغ القلوب الحناجر وهي تستمع للمتحدث عن غرائب وعجائب الجن.
الجنُّ كأي مخلوق وهي عالم غيبيّ، محجوبٌ عن الإنسان، له قدراته الخاصّة التي أودعَها الله فيه، ولها حياة وإرَادة وإدراك خاص بها لا يُدرى مَداه.

عالم الجن حاولت النظر له من جهة أخرى نتعلم منها، كيف يفكرون، وما طريقتهم في التعامل مع بعضهم، فقرأت بعض آيات القرآن الكريم التي تحدث بها الجن، وأتذكر جملة سقراط الشهيرة التي أصبحت مثلاً: “تكلم حتى أراك”.

في البداية كانوا يملكون أدباً من آداب التواصل وهو الإنصات والاستماع للآخر قبل مهاجمته أو تكوين صورة ذهنية عنه كونه غريبا، فقالوا لبعضهم “أنصتوا” فاستجاب الجميع دون مقاطعة، حتى يكونوا واعين ومدركين لما يقال، فينقلوا الخبر من مصدره، لذلك عندما ذهبوا إلى قومهم قالوا “یَـقَومَنَا إِنَّا سَمِعنَا كِتَباً أُنزِلَ مِن بَعد مُوسَى” وهذا يعلمنا أن الاخبار نأخذها من مصدرها الرسمي، ونفهمها ثم ننقلها ، ويا ليت من يتحدث بيقولون ، يسمعون أولا ويفهمون ، هناك مثل يوناني ” معرفة الإصغاء فن”.

ومما يلفت الانتباه تلطف الجن في الخطاب”یَـقَومَنَا ” ثم المبادرة بذكر الايجابيات والمزايا، لتحفيز الاخرين، حيث بدأوا الخطاب بالمغفرة وتكفير الذنوب، ولم يكن خطابا متشنجا متغطرسا، كما يفعل البعض الذين يتصورون أنهم يملكون الحقيقة المطلقة “یَـقَومَنَا أَجِیبُوا دَاعِیَ ٱللَّهِ وَءَامِنُوا بِهِ یَغفِر لَكُم مِّن ذُنُوبِكُم وَیُجِركُم مِّن عَذَابٍ أَلِیم”
فاصلة:
‏” لما آمن نفر من الجن، لم يصفوا قومهم بالضلال بل قالوا: (منا الصالحون ومنا دون ذلك) فتلطفوا؛ علمني الجن أننا بحاجة إلى الرفق واللين؛ في زمن كثرت فيه الاتهامات والسب والقذف في مواقع التواصل، وقد قيل “يغسل الماء كل شيء تقريبا إلا اللسان السيئ”

Faheid2007@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *