عُرضت عليّ حالة لطفلة بالكاد بلغت الثامنة من العمر و قد نزل منها دم لا يختلف عن دم الدورة الشهرية عند النساء، ارتاعت الأم وعند السؤال تبين ان الأم لاحظت مظاهر ترتبط بالنضج الجنسي عند ابنتها خلال الأشهر الأخيرة، مثل نمو شعر العانة ، وشعر الإبط و بروز في حلمة الثدى ، و لكنها لم تتوقع حدوث حيض ، رغم أن ابنتها أصبحت أطول من أترابها ، وقد نفت الأم وجود أية أعراض أخرى تشير إلى علة في الغدة الدرقية أو غيرها .
الأعراض السابقة ، تدل على حدوث نضج سابق لأوانه ، و قد أطلق على هذه الظاهرة في العربية القديمة اسم التهريف، تشبيهاً بالنخل إذا هرف، أي أثمر قبل موعده بحيث ينتج مرتين في العام الواحد ، و على الأغلب فإن سبب حدوث هذه المسألة مجهول ، و يحصل عند الأطفال من الجنسين.
يقوم الطبيب عادة بأخذ صور لعظم الطفلة للتثبت ، و هنا يجد أن عمر العظم أكبر من العمر الزمنى ، يلي ذلك عمل اختبارات للهرمونات للتفرقة بين نوعين من النضج المبكّر ، فهو إمّا نضج مركزي بسبب بدء نشاط المحور الذي يربط غدد المخ بالمبيض ، فينتج عنه هرمونات جنسية تؤدي إلى النضج المبكر ، والنوع الآخر هو النضج المبكّر الجانبى ، وهو الذي ينتج عن نمو غير طبيعى في الأعضاء التي تنتج الهرمونات . و هذا يحصل في الغدة فوق الكظرية أو في المبيض . و هنا يجب التأكد من طبيعة الخلل.
بعد التشخيص يتم التعامل مع السبب، و حيث أنه في الغالبية العظمى من الحالات يكون السبب مجهولاً و هذا مطمئن ، هنا يصبح هدف العلاج هو تأخير البلوغ حتى يكتمل الطول المتوقع للطفلة.
قلنا إن الأم لاحظت أن طفلتها أطول من أترابها ، و هذا صحيح ، لكن يتوقف نموها في الطول بينما تستمر الأخريات في النمو ، فتصبح طفلة النضج المبكّر أقصر ممّن نضجن في الموعد الطبيعي.
العلاج يكون بإعطاء الطفلة دواء يوقف النضج الجنسي ، و يستمر العلاج حتى السن المتوقع للنضج الأنثوي ، و بعد إيقاف العلاج تستعيد دورة الهرمونات الأنثوية طبيعتها، و تصبح الفتاة مثل غيرها من صاحبات النضج الطبيعى من ناحية الطول و استئناف الدورة. و لاحقاً الحمل و خلافه.
SalehElshehry@