هيأ الله تجويف الرحم لتهيئة الحاضنة التى ينمو فيها الجنين ضمن ظروف مثالية، تتيح له نمواً صحياً حتى موعد خروجه للدنيا، أحياناً قد يحدث أن البويضة المخصّبة تنغرس في مكان غير تجويف الرحم ، مثلاً في إحدى قناتى فالوب، قناة فالوب قناة ذات تجويف ضيق يسلكها الحيوان المنوي ليصل الى البويضة و تسلكها البويضة المخصّبة لتصل إلى تجويف الرحم ، و جدارها يخلو من العضلات، إذن لو انغرست البويضة المخصّبة في قناة فالوب ، فإنها تعرّض الأم لخطر حدوث نزيف داخل البطن بسبب سهولة تمزُّق القناة عند نمو الحمل.
قبل خمسين سنة كان الحمل خارج الرحم أحد أسباب وفيات الأمهات ، أيامها لم تكن فحوص الحمل في البول و الدم ولا الأشعة الصوتية متوفرة ، ولذا كانت المرأة تذهب الى الطبيب تشتكى من ألم في البطن ، لا يعرف له سبب ، ثم تتطور إلى شكاوى من أعراض أخرى مثل عدم التوازن والضعف الشديد و فقر الدم ، و قد يتأخر تدخُّل الطب فتصبح حياة المرأة في خطر ، كان التدخل جراحياً بفتح البطن لإكتشاف وجود نزيف وأنه يحدث بسبب تمزّق إحدى القناتين ، يتم إستئصال القناة ، و إعطاء دم بديل . أحياناً كان هذا الإجراء يتأخر فيعرّض حياة الأم للخطر.
مع الوقت ربط الأطباء بين فوات موعد حدوث الدورة الشهرية واقتران ذلك بآلام في البطن مع نزيف مهبلي وأعراض نزيف داخلى ، و هنا أصبح الأطباء يتدخلون في وقت مبكّر قبل تعّريض حياة الأم للخطر , أدى هذا إلى تقليل وفيات الأمهات بدرجة كبيرة ، و لكنه سبّب حالات فتح بطن مبكّرة دون العثور على حمل خارج الرحم يستدعى ذلك. التحدّى الذي كان أمام الطب هنا أن تقلل عدد عمليات فتح البطن التى لا يكون سببها حمل خارج الرحم ، دون تفريط يؤدي الى التأخر في إجراء العملية لدرجة تعرض حياة الأم للخطر.
اختراع منظار البطن كان ثورة في الجراحة ، أدى إلى أن يقوم الأطباء بإجرائه في حالة وجود شك كبير في أن يكون هناك نزيف مصحوباً بحمل خارج الرحم ، إذا ثبت ذلك من خلال هذا المنظار، يقوم الطبيب بإجراء عملية فتح للبطن ، وإذا أظهر المنظار أنه لا يوجد هناك حمل خارج الرحم نكون قد تفادينا عملية فتح البطن ، و كان هذا تطوراً طيباً.
في بعض الأحيان كان يتم إجراء عملية المنظار قبل أن تظهر آثار الحمل على الأنبوب ، و كان هذا يخدع الأطباء ، فنجد بعد إنتهاء العملية بأيام ،إستمرار الأعراض بما قد يؤدى ذلك إلى عملية ثانية تثبت أن الحمل كان خارج الرحم و لكن توقيت ظهوره تأخر عن موعد المنظار، و نشأ تحدّ آخر.
نتابع…
SalehElshehry@