يعدّ إنشاء المتاحف ضرورة وطنية للحفاظ على الموروث الثقافي لأي بلد من بلدان العالم، حيث تبرز أهميتها كإحدى وسائل الاتصال الهامة بين الماضي والحاضر إلى جانب دورها المؤثر كمؤسسة للتعليم والتثقيف والترفيه.
وقد حرصت الكثير من دول العالم على إقامة المتاحف المختلفة لما تحمله من رسائل للشعوب بمختلف الأعمار. ولجملة من الأهداف أهمها إحياء التراث الحضاري ونشره وتنمية الثقافة والمعرفة ونقل التجربة الحضارية السابقة للأجيال المتعاقبة بما يحقق التواصل الحضاري المأمول، وللإسهام كذلك في إحداث وتشجيع التغيرات الاجتماعية الإيجابية المطلوبة بإشاعة روح التعاون والسلام، والمساهمة أيضاً في التنمية الاقتصادية من خلال تنشيط الحركة السياحية وتشجيعها.
وهناك أنواع من المتاحف المصنّفة حسب ما تضمّه من محتويات تستهوي الكثير من الشرائح والمستويات، فمنها التاريخية والتراثية والعلمية والفنية والبيئية والتعليمية والبحرية والطبيعية والقومية والموسوعية وأيضا متاحف التاريخ الطبيعي والأطفال والعامة والخاصة والافتراضية، ولأهميتها الحضارية ودورها في خدمة المجتمعات لنشر العلوم والثقافات خصص لها يوم عالمي للتعريف بها وبيان قيمتها في إجلاء التراث الإنساني.
ومن الجميل اهتمام المملكة بإقامة المتاحف والتي من أولوياتها إبراز هويتها واستعراض تاريخها وعراقة ماضيها وبيان إمكاناتها السياحية والثقافية، ولحماية التراث السعودي والعالمي والترويج له وتقديمه كمادة أمام الدارسين والباحثين، ولتكون المتاحف ركيزة أساسية في الترابط المجتمعي بين المواطنين والمقيمين والزائرين.
ومنطقة الباحة كواحدة من مناطق المملكة يوجد بها عدد من المتاحف الخاصة التي يحتاج أصحابها مزيداً من الدعم والتوجيه والتشجيع لتشكل نافذة على الماضي الجميل وإطلالة على الحاضر والمستقبل المشرق، من خلال محتوياتها التي يغلب عليها الطابع التراث والتاريخي. ولأن المتحف الإقليمي بالمنطقة قد شارف على الانتهاء وربما يكون المعنيون بصدد جمع ونقل القطع المتحفية المطلوبة في الفترة القريبة القادمة. وهنا نشير إلى ما كان يبذله الأستاذ عبدالرحمن الشاعر صاحب أول وأغنى متحف بالمنطقة، والذي ساهم كثيراً بالتعريف بتراث المنطقة وثقافتها من خلال متحفه الخاص والمعارض التي كان يقيمها كل عام داخل الباحة وخارجها، ولثراء متحفه بالأدوات التراثية المنوعة وبعض القطع النادرة والمسكوكات إلى جانب الكم الكبير من الطوابع القديمة والصور العديدة واللوحات.
وخوفاً من ضياع هذه الثروة التي جمعها على مدار نحو نصف قرن من الزمن، ولتدهور حالته الصحية وعجزه عن إدارة متحفه ومتابعة نشاطه فمن المناسب الاستفادة من ذلك المتحف القيّم بمحتوياته ومقتنياته النادرة، لتكون أول نواة لمتحف الباحة حفظاً للتراث وتقديراً لجهد العقود من السنين.
alnasser1956@hotmail.com