اجتماعية مقالات الكتاب

التنبؤات السينمائية

“انتظروا حمام دم إذا لم أفز بانتخابات الرئاسة،” تصريح أطلقه الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للإنتخابات الأمريكية دونالد ترامب، أثار زوبعة سياسية وإعلامية داخل الولايات المتحدة، ليتحول إلى تحذير شديد من الإضطرابات المحتملة، إذا خسر الانتخابات نهاية هذا العام.

وسط خطاب ترامب الحماسي، تحول الإهتمام عن غير قصد، إلى فيلم سينمائي قادم بعنوان “Civil War” أو الحرب الأهلية، (مقرر عرضه في أبريل الشهر المقبل) تدور أحداث هذا الفيلم في رواية تأملية للإضطرابات المدنية، ويصوِّر صراعًا بين الحكومة والفصائل الإنفصالية من تكساس وكاليفورنيا، وفي حين أن مثل هذه الروايات تقدم عادةً الترفيه، إلا أنه لا يسع المرء، إلا أن يتساءل عمّا إذا كان هذا الفيلم بمثابة نذير لواقع قادم.

إن أوجه التشابه بين الخيال السينمائي وأحداث العالم الحقيقي، مذهلة ومثيرة للتفكير، إذ يقول كيث م. جونستن، وهو مؤلف قصة فيلم الخيال العلمي مقدمة نقدية: “هناك طريقتان مختلفتان لتخيل المستقبل في الأفلام. إحداهما هي تقديم توقعات رصينة ودقيقة، كما في فيلم”أوديسا الفضاء 2001 “، الذي شكَّل نقطة فاصلة في تاريخ أفلام الخيال العلمي، وفيلم “Minority Report” تقرير الأقلية
أما الطريقة الآخرى فهي ليست إلا تخيل الكثير من التسلية.

ولنتأمل هنا على سبيل المثال، فيلم “The Long Kiss Goodnight” (أُنتج عام 1996)، الذي أنذرَ بشكل مشؤوم بهجوم إرهابي على مركز التجارة العالمي، قبل فترة طويلة من وقوع الحدث المأساوي. وبالمثل، كشف فيلم “Path to Paradise” الطريق إلى الجنة، (أُنتج عام 1997)، الذي كانت تدور أحداثه حول تفّجير مركز التجارة العالمي عام 1993، كشف بدقّة مذهلة عن أحداث 11 سبتمبر، بما في ذلك الجملة الشهيرة من الشخصية الإرهابية التي تم القبض عليها في الفيلم، والذي قال في نهاية الفيلم وهو مقيّد في طريقه إلى السجن, “في الوقت المناسب، سنسقطهما معًا”، بينما كان ينظر إلى برجيْ مركز التجارة العالمي.

ويصوِّر فيلم “Contagion”مرض معدٍّ (أُنتج عام 2011)، يصوِّر بشكل مخيف الفوضى التي أحدثها فيروس قاتل، قبل جائحة كوفيد-19 بما يقرب من عقد من الزمن. وبالمثل، يصوِّر فيلم “Moon”، (أُنتج عام 2009)، مستقبلًا يتفاعل فيه رواد الفضاء مع الذكاء الإصطناعي في حوار مدهش، وهو مفهوم تحقَّق مع ظهور المساعدين الإفتراضيين، ومع ذلك، فإن النبوءة السينمائية تمتد إلى ما هو أبعد من الأوبئة والتقدم التكنولوجي.

لقد أنذرت كلاسيكيات مثل فيلم”2001: A Space Odyssey”، (أُنتج عام 1968)، و “Blade Runner” ، (أُنتج عام 1982)، بالعجائب التكنولوجية التي أصبحت منذ ذلك الحين جزءًا لا يتجزأ من الحياة الحديثة.
وبالمثل، تنبأ فيلم “The Terminator” انتج عام 1984، و”Minority Report”، انتج عام 2002، بالتطورات في الذكاء الإصطناعي والخوارزميات التنبؤية، وقدما لمحات عن المستقبل المحتمل المذهل والمثير للقلق.

إن البصيرة السريالية لمسلسل “عائلة سمبسون”، المشهور بالتنبؤ بأحداث العالم الحقيقي، تسلِّط الضوء بشكل أكبر على التفاعل بين الخيال والواقع.

بينما نتنقل في عالم متزايد التعقيد، فإن التقارب بين التكهنات السينمائية والتجارب الحية بمثابة تذكير مؤثر بقدرة رواية القصص على إلقاء الضوء والإثارة، حتى التحذير المسبق في بعض الأحيان، سواء ظلت “الحرب الأهلية” خيالية، أو أصبحت نبوءة تقشعر لها الأبدان، هناك شيء واحد مؤكد، تأثير السينما الدائم كمرآة تعكس تعقيدات الحالة الإنسانية والنسيج الغامض لمستقبلنا المشترك.

jebadr@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *