اجتماعية مقالات الكتاب

معلمتي .. شكراً

عشرون عاماً وأنا أبحث عن معلمتي التي زرعت في نفسي حب الله والوطن واحترام المجتمع ، عن معلمتي التي عرفتني بجغرافية العالم وتاريخ الشعوب ، عن معلمتي التي كانت مرشدي الأول في رحلة الحياة وكيف أقوى بمكتسباتها وأنحني بتواضع أمام الآخرين. عشرون عاماً وأنا انتظر لقاءها الميمون لأقدم لها شكري وامتناني على عظيم عطائها وجميل أثرها.

إن مهنة التعليم هي الأكثر خلداً في العقل والنفوس ، وعلى أيدي المعلمين ، يتخرج العلماء والمفكرون وتتطور الأمم وتتوازن الأمور ، فهل يا ترى نال المعلم وهو ابن خير عباد الله ، ما يستحقه من احترام وتقدير ؟ وهل يمارس مهنته في بيئة تشجعه على التقدم والابداع ؟ أم بات يواجه صعوبات وتحديات مع وسائل التكنولوجيا الجديدة وانفتاح الطلاب على العالم الفضائي الأزرق؟

لا شك أنه في ظل العصر الرقمي الذي بات واقعاً لا محال ، أصبح دور المعلم شاقاً ويتطلب مهارات وقدرات تقنية تشغل وسائط التعليم الحديث ، وقد امتزجت مهام المعلم بين الإشراف والتوجيه والتأهيل والتعليم ، وتوجب عليه أن يجمع بين التخصص والخبرة ، أن يواكب المناهج الإبداعية في مجال العلوم والفنون ، أن يتدرّب على قيادة الحاسب الآلي وينمِّي مهاراته في فهم البرامج والتطبيقات الإلكترونية ،أن يجيد التعامل مع طلاب قد تشتت ذهنهم نتيجة الإستخدام المفرط لمستقبلات الإنترنيت ، أن يضبط طلاباً تنمّروا على بعض نتيجة التربية الخاطئة ، والسلوك العدواني المتبع بين أفراد أسرتهم ، أن يتحلّى بالصبر الشديد على طلاب تقلّصت رغبتهم بالعمل الجماعي ،نتيجة ميلهم إلى حالة التفرد مع أجهزتهم الذكية وأن يرسخ روابط التعاون مع أولياء أمور الطلبة وإشراكهم في متطلبات التعلم الناجح وطرق التربية السليمة .

يقول إمبراطور اليابان ” اوكيهيتوبوهارا”: اتخذنا الكتاب صديقاً بدلاً من السلاح ، وجعلنا العلم والأخلاق قوتنا ، وأعطينا المعلم راتب وزير وحصانة دبلوماسي وجلالة امبراطور “.

كم أنت مهم وهام وضروري أيها المعلم المفيد ، في زمن يُدفع الانسان أن يبقى مائعاً على السطوح، وأن تمتد جذوره بشكل أفقي لا يثبت فيها على مبدئ ولا يحسن الاختيار ، فأنت حقاً رسول التصحيح، وأنت حقاً الأمل والمأمول والله يقول في محكم تنزيله : “قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا” صدق الله العظيم.

bahirahalabi@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *