اجتماعية مقالات الكتاب

ماذا يفعل الناجحون قبل الإفطار

(وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ)
أقسم الله بالصبح، ذلك الوقت الثمين الذي يكون ذهننا فيه أكثر صفاءً، لما في الصباح من سحر ساعاته الأولى، ومن هدوء الفجر، الأمر الذي يدخل الإنسان في حالة من الحيوية والنشاط، بالإضافة إلى أن الإستيقاظ في الصباح الباكر، يجعل الإنسان شخصاً ذا همّة عالية، ويزداد طموحه في أكبر قدر من الأعمال لبلوغ النجاح، فضلاً عن أنه عادة ستغيِّر حياتك تماماً، وستسبق منافسيك بأعوام.

كما أن “البركة في البكور”، فلقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم بارك لأمتي في بكورها).
قرأت مؤخراً، كتاباً للكاتبة لورا فاندركام بعنوان: “ماذا يفعل الناجحون قبل وجبة الإفطار؟”

وهو كتاب يدور في فلك كتاب: “The 5 AM Club” “نادي الخامسة صباحاً”، الذي كتبت عنه قبل أكثر من عام تقريباً، للكاتب الهندي روبن شارما، الذي نوّه فيه بأهمية الإستيقاظ اليومي المبكر في الخامسة صباحاً وفوائده العظمى.
أنا هنا، لست بصدد التركيز على الفرق بين الكتابيْن، فلكل واحد منهما نقاطه الجوهرية، وتناوله للموضوع من زوايا مختلفة، وتقديم مقترحات قيّمة.

وقبل أن أتحدث عن كتاب: “ماذا يفعل الناجحون قبل وجبة الإفطار؟”، أود أن أسأل عزيزي القارئ، ماالذي تفعله أنتَ قبل تناول وجبة الإفطار؟ هل تراجع رسائل البريد الإلكتروني؟ هل تشاهد التلفزيون لمعرفة آخر الاخبار الدولية، أو الإقتصادية المهمة؟ هل تلجأ إلى العمل مباشرة؟ هل تمارس الرياضة؟ هل تقضي ساعات الصباح الأولى في التأمل؟ أم هل تعود للنوم مباشرة؟
يركِّز كتاب: “ماذا يفعل الناجحون قبل وجبة الإفطار؟”، على قوة الصباح الباكر، والذي يوفِّر وقتًا متواصلًا للعمل المركّز، والتخطيط لأنشطة النمو الشخصي، بالإضافة إلى أهمية تحديد الأولويات واختيار بعض المهام المهمة لإنجازها كل صباح، وهذا سوف يقود إلى تطوير إجراءات صباحية متسقة حول الأنشطة الرئيسية لتحقيق أقصى فائدة، ورغم أن هذا الكتاب ركّز بشكل رئيس على الأنشطة التي تعود بالنفع على الذات، إلّا أن التوازن بين الأنشطة الذاتية والمهنية مطلوب.

وقد ضرب الكتاب أمثلة لرئيس مجلس إدارة شركة أمريكية كبرى يتدرّب قبل الساعة السادسة صباحاً، وأخرى لرئيس تنفيذي لشركة رائدة يمشي لمدة أربعة أميال على الجهاز قبل الساعة الخامسة صباحاً، وهناك كاتب أمريكي شهير يقضي ساعة كاملة بمفرده قبل الساعة الخامسة صباحاً يفكِّر فيها ويتأمل، وغيرهم من الأمثلة الكثير.

الثابت هنا، أن استغلال ساعات الصباح الأولى في مهام مفيدة، يقود بشكل تلقائي إلى يوم ناجح مليء بالإنجازات، فلماذا إذاً لا نخصِّص هذا الوقت الثمين لأنفسنا، وفي تحّسين قدراتنا الذاتية والذهنية والنفسية،وممارسة الرياضة بكل أشكالها، وقضاء وقت ممتع في التأمل، والتفكير في أهم أولويات حياتنا، أو ترتيب الأولويات لذلك اليوم، او حتى كتابة المذكرات الشخصية؟
أنسى التأمل عند شروق الشمس وعصائر البروتين للحظة، تخيّل مستقبلًا لا يكون فيه روتينك الصباحي متعلقًا بالضغط على قالب نجاح شخص آخر، بل لوحة ترسمها بضربات نابضة بالحياة من تطلعاتك الخاصة.

أنسى عبارة: “الأشخاص الأكثر نجاحًا”، لأن النجاح ليس تاجًا واحدًا يناسب الجميع، بدلاً من ذلك، تخيّل عالماً يفتح فيه كتاب: “ما تفعله قبل الإفطار”، سيمفونية من الإنجاز الشخصي، وليس مجرد قفص ذهبي آخر للإنتاجية.

تخيّل أنك تبدأ يومك ليس بقوائم المهام المهنية، بل بقوائم المهام الشخصية التي ستفعلها. فكِّر أقلّ في تسلُّق السُلّم الوظيفي في الشركة. لا يقاس النجاح بالمهام التي ننجزها قبل الإفطار، بل بإحساس الإنجاز والرضا الذي يرافقنا طوال اليوم.

jebadr@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *