اجتماعية مقالات الكتاب

عقدة التقليد

يتأثر الأفراد في مجتمعهم بالآخرين بشكل ملحوظ و مباشر من خلال رؤية تجاربهم الناجحة و السير على خطاهم ،وهذا أمر جيد برمّته ،فحينما يختلط الفرد بمجتمع ناجح تصبح فرصة نجاحه كبيرة أيضًا ،وذلك من خلال التحّفيز الذي يتلقاه في مجتمعه وتعود الأسباب إلى أن النجاح مغرٍ و له جاذبيته خصوصًا إذا اجتمعت الرغبة في النجاح مع توفر الدوافع ،
و قد تأخذ هذه الدوافع منحىً آخر فالبعض يراقبون أفراد مجتمعهم بصمت و تركيز حادّ دون ان يظهروا أي رغبة في التغيير و لكن هذا الصمت يقبع خلفه تقليد و استنساخ لتصرفات الآخرين و لطريقة نمط حياتهم حتى يستطيع أن يقلدهم بذات الطرق التي سلكوها دون أدنى قياس على إمكانيته .

و سرعان ما قد يتحول هذا إلى مرض نفسي يعاني منه الفرد من تخبطات قوية وهبوط في مستوى مؤشر الإستقرار النفسي والإجتماعي حيث أنه يتسابق مع الآخرين في آن واحد على الرغم من كثرة خساراته و فشله المروع لأنه قام بإلغاء قراراته الذاتيه و احتياجاته و جعلها بيد الآخرين دون أن يكون للآخرين دور في هذا فالمشكلة تكمن في ذاته .

و يبدأ هذا التقليد بتشكيك الفرد في قدراته لأنه ينبع من جهله لمواطن قوته وقد يربط سعادته بسعادة الآخرين و كذلك جميع مشاعره كما الحال في قرارته و اختياراته المختلفة في حياته فيصبح غير قادرعلى إظهار إبداعاته الكامنة في ذاته لأنه باختصار يتصرف كما يتصرف الآخرون دون أن يعي أن هذا التقليد لا يناسبه و لا يحقّق له أدنى درجات الرضا عن الذات .

إن حقيقة الرضا عن الذات ، تكمن في أن الفرد يكون نسخة أصلية أصيلة عن ذاته فقط و تقليد الآخرين له ضوابط ومواضع محدّدة و ذلك من خلال الإستزادة و الإفادة فقط لا أن يلغي الفرد شخصيته و يرتدي شخصيات متعددة بشكل مستمر.
وحتى يحقِّق الفرد غاياته ،عليه أن يعي تمام الوعي أن انطلاقاته تأتي من ذاته و أن يصبّ تركيزه على ذاته و لا ننسى أن الجمال يكمن في التفرُّد.

@fatimah_nahar

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *