اجتماعية مقالات الكتاب

خل عينك وتجاوز العقبة

كنت في طفولتي أقضي معظم إجازاتي المدرسية في جنوب المملكة بقريتنا الصغيرة، وبما أن الجنوب منطقة زراعية ، فقد كنت ضمن فعالية اللعب بين أشجار العنب والرمان ، أقوم برعي الغنم مع جدتي -رحمها الله-، لكن ما كنت أتعجب منه ،إلحاحها الدائم خلال الطريق من المنزل إلى المزرعة ترّديد قول: “خلي عينك عند رجلكِ”.كنت أتساءل :ما الذي سيعيق سيري خلال الطريق؟،

أو قد يلدغني ثعبان وأنا البس حذاء يحمي قدمي؟حتى سألتها ذات يوم بأني أرى طريقي من مسافه فيمكنني رؤية ما قد يضرني وتجنّبه، لكن حين أجابتني ،فهمت مغزى ذلك القول حين قالت فيما أذكر:”إن السير في طريق مستقيم يحميني من عقبةٍ ما قد تضرني، وأنني قد أُغدر دون ملاحظة مني كما قد يفعل الطريق بي”. حينها تذكرت تنبية جدتي حين شعرت بالتخبُّط بين العديد من المهمات التي لم أنهِ منها شيئاً، بجانب العديد من الأهداف سهلة الإنجاز رغم وقت فراغي، حينها عرفت أن طريقي متعرّج ،وأن هناك عقبات جعلته مملوءً بما يسدّه إلى الوصول لما أريد.

فالحياة مليئة بالعقبات التي تجعلنا لانتحرك خطوة للأمام، إمّا أن تبقينا في المنتصف أو تعيدنا خطوات للخلف، ليس بالضرورة أن تكون أمورًا عملية، بل قد يكونوا أشخاصًا يهدروا طاقتنا بنظرتهم السلبية ناحية الحياة، حتى نتأثر بهم ونغرق معهم نحو فوهة السوداوية.

لكن السؤال؛ هل علينا تجنّب تلك العقبات على أنها سببًا في شعورنا بالفشل وعدم التقدم أم التفكير بها والتعلم منها أم تقبُّلها وتجاوزها كأنها لم تحدث؟ لكن الإجابة الحقيقة أنها هي القوى الدافعة التي تشكّل دورًا محوريًا في نمونا الشخصي ومرونة أنفسنا، من خلال مواجهة هذه التحدّيات والتغلُّب عليها، فإننا نشكّل هويّاتنا، ونكتسب مهارات جديدة، ونكتسب الحكمة اللازمة لمعرفة أنفسنا والتنقل خلال مراحل الحياة، ممّا يسمح لنا “بالتفاعل” مع كل عقبة أخرى تواجهنا وإيجاد الحلول أو تجاوزها، وهذا ما يسمح لنا بتنظيم حياتنا بشكل أكبر في حال واجهنا غيرها في حياتنا، فالحياة تتغير بصورة مستمرة، والخطط والأشخاص، وكذلك العقبات، فما علينا هنا إلا أننا نتعلم منها ومحاولة عدم تأثيرها علينا أو على خططنا وأهدافنا.

وبالنظر لقصص الذين تغلبوا على العقبات فإن “هيلين كيلر” التي تغلبت على التغلب فقدان البصر والسمع وأصبحت أسطورة في الإلهام والقوة، بالإضافة لذكر العالم الفيزيائي ستيفن هوكينج الذي تغلب على مرض التصلُّب الجانبي الضموري الذي لم يمنعه من علمه ونشرنظرياته.
لذلك علينا معرفة ماهي العقبات الحقيقيه التي تكون سببًا في شعورنا بالتشتّت وعدم إكمال طريقنا، وهل نحن سبب فيها أو أنها تكون من مصادر خارجية، علينا أن ننظر إليها وكأنها لوح خشبي قطع الطريق بينما ننظر إليه تحت أقدامنا.

‏‪@i1_nuha

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *