اجتماعية مقالات الكتاب

محاطاً بالمتفائلين

ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ، وتفاءلوا بالخير تجدوه.
التفاؤل نقيض التشاؤم ، وهو النظر إلى العالم بإيجابية ،والإيجابية بشكل عام تتلخّص في أن يكون الشخص متفائلًا وواثقًا من نفسه ، ويفكِّر بالجوانب الجيّدة للمواقف المختلفة بدلاً من السيئة، ويبحث دائماً عن حلول لأي عقبات قد تواجهه، وحتّى تكون شخصاً إيجابياً ،فذاك ليس فرضاً أو شرطاً، بل هو اختيار وإصرار.

والشخص المتفائل هو ذلك الإنسان الذي يعتقد بأن أشياءً طيبة ستحدث، وأن أهدافاً معينة يمكن أن تتحقّق في المستقبل، والمتفائلون عموماً يتوقعون أن تسير الأمور في النهاية نحو الأفضل.
في ظل هذه المعطيات، يطرح السؤال نفسه : كيف نسعى حتّى نحيط أبناءنا وأنفسنا أيضا بالناجحين الذين يؤثرون علينا بشكلٍ إيجابي لما لهم من تأثير واضح وكبير في حياتنا ؟

عندما نرى سلوكيات قد لا تعجبنا في أبنائنا وبناتنا، ويسود القلق من تكرار الفشل أو اللامبالاة والإهمال وعدم وجود رؤية وأهداف واضحة ، فإن نسبة كبيرة من ذلك، تأتي من تأثير أصدقاء السوء أو الفاشلين والمحبطين الذين يحيطون بهم، فمن المؤكد أننا عندما نحيط أنفسنا بنماذج من الأشخاص الذين يعملون، ولا يشتكون أبداً،والذين يفكرون بشكل إبداعي، ولديهم طموح، و خطط واضحة لحياتهم الشخصية والمهنية، فإن من الطبيعي أن يساعدنا هذا على النهوض وتحّسين مستوى تفكيرنا ورؤيتنا بشكل عام.

من خبرتي المتواضعة في مثل هذه الأمور، فإن الأشخاص المحبطين، يسعون دائماً لبثّ روح الإنبطاح والهزيمة، ويفرحون عندما ينجحون في إبقاء رفقائهم في القاع حيث يستقرون، ويحرصون أشدّ الحرص على ألّا ينهضوا ويبقوا معهم في القاع.
ومثال على ذلك، الطالب المهمل الذي يحصل على درجة متدنّية ، فيفرح كثيراً إن وجد آخرين مثله ،
ويكون عذره أن الاختبار صعب،والدليل حصول أصدقائه على ذات الدرجة ، وعندها يشعر بالرضى أن ليس وحده الفاشل، بل نجح في إبقاء رفقاء له في القاع ، ولا يأبه كثيراً لمن تفوَّق وحصل على علامات كاملة ، لأنه ببساطة شديدة لم يبذل أي جهد ليصبح مثلهم أو أن ينضم إلى دائرة الناجحين ، وإنما ارتضى لنفسه أن يبقى بعيداً ، على أن يُغّرِق معه أكبر عدد ممكن من أصدقائه .

يقول الشاعر:
من خالط العطّار نال من طيبه ومن خالط الحداد نال السوائدا
وهناك مقولة مشهورة في الأدب:”قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت”.
إذاً لابدّ من أن نحيط أنفسنا وأبناءنا بنماذج أكثر نجاحاً، ذلك أننا عندما ننضم إلى دائرة أشخاص هم أفضل منا، فإننا سوف نتعلّم منهم بطريقة أو بأخرى، وسوف تكون إضافتهم إيجابية في طريقة التفكير ورفع سقف الطموح نحو الأفضل.
إن الشخص الإيجابي سوف يفيدنا في مناقشة أفكار تجارية رائدة، أو حضور ندوات لتطوير الذات، أو حتّى يقترح كتاباً مفيداً للقراءة، وهو شخص لا يعرف التذمُّر ،وعند المواقف الصعبة، يساعد في البحث عن حلول.

لا يجب أن نتوقع أن نتغير نحو الأفضل إذا كنا محاطين بأشخاص سلبيين، فهؤلاء سوف يسحبوننا نحو الأسفل إلى منطقة راحتهم ، والأشخاص السلبيون عبارة عن فيروس لابدّ من عزلهم بعيداً، إن بضربة واحدة أو تدريجياً، ولا يجدر بنا مخالطتهم إلا في حالة
واحدة فقط ، هي: التأثير عليهم بشكل إيجابي، لذا ابتعد عن الأشخاص السلبيين واختلط بالإيجابيين ؛ لأن الإيجابيين سيؤثرون في أفكارك وعقلك وسلوكياتك، وستتحول لشخص إيجابي بشكل لا إرادي، ثم ستبدأ بالتأثير في الآخرين.
وأختم هنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً.”

jebadr@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *