اجتماعية مقالات الكتاب

الشيخ يوتيوب والمفتي جوجل

لا تزال ثورة المعلومات تغيّر العالم على نطاق واسع وبسرعة فائقة، ما أدّى إلى فوائد عظمى في حياتنا الإجتماعية و الإقتصادية والعلمية ، ما يؤشر لقرب انتهاء زمن البحث عن المعلومة في الكتب ، أو إستقاء المعلومة من أهل الخبرة والعلم ، إذ ليس هناك أسهل من أن يضرب الشخص بأصابعه على لوحة المفاتيح، ليحصل على إجابة عن سؤاله في وقت لم يكن الحصول فيه على الإجابة بهذه السرعة في الماضي.

كنت في أحد المجالس مع أصدقاء والدي وهم رجال كبار السن من الجيل القديم وغالباً ما تقع بينهم نقاشات تنتهي باختلاف آرائهم حول مسألة معينة ، فيقترح
‏أحدهم: لنسأل المفتي محرّك البحث جوجل. وغالباً ما يلقى هذا الإقتراح معارضة شديدة من الحرس القديم الذي لم يتقبّل هذا النوع من التقدم التكنولوجي . ولكن الخلاف سرعان ما ينتهي عندما تظهر المعلومة على جوجل.

‏يحكي والدي أنه في حال وجود استفسارات حول مسألة شرعية، فإنه ينتظر الفرصة ليسأل أحد المشائخ أو إمام مسجد بعد الصلاة، وقد يستغرق ذلك وقتاً طويلاً. وقياساً على ذلك، التأكد من معلومة علمية في أحد التخصصات، لا يتم الجزم بالإجابة عنها إلا بعد لقاء أحد المختصين صدفة في لقاء أو مناسبة أو من خلال مكالمة هاتفية، وقد يستغرق ذلك وقتاً طويلاً أيضاً.
لقد أصبح محرك البحث جوجل الأكثر شهرة ، والأكبر بكثير من مجرد محرك بحث منه إلى منصّة إعلانية، ونموذجاً للأعمال التجارية، وجامعاً للمعلومات، وكلنا يعلم أن جوجل عبارة عن موسوعة كبيرة من المعلومات، فيما التحدّي الكبير الذي يواجه الكثيرين منا هو معرفة ما هو الصحيح وغير الصحيح من هذه المعلومات.

‏أمّا الشيخ يوتيوب، فقد أدّى حسب أحد أصدقاء والدي خدمة جديدة للكثيرين منا ، حيث
كنا في الماضي ،عندما يواجه بعضنا مشكلة في الكمبيوتر مثلاً، فإنه يذهب إلى أحد المحال لعلاج هذه المشكلة بمقابل مالي، أمّا اليوم ،فلقد أصبحت الحلول متاحة على منصّة يوتيوب و بالمجان وقد لعبت هذه المنصّة دوراً حاسماً في التعليم، حيث أصبح بمقدور الطالب أن يتلقى الشرح من أحد المدرسين عبرهذه المنصّة بدلاً من تلقي الحصص الإضافية من مدرس خصوصي، كما أصبحت جميع المواد متوفرة وبكل اللغات ، في حين يقوم الشيخ يوتيوب بالمهمة وباقتدار، بل أصبح هو المدرّس والمعلِّم، في جميع التخصصات وبلا استثناء في ظل وجود العديد من فيديوهات التعليم و الشروح المجانية.

وكذلك إذا واجهت أحدهم مشكلة في أحد برامج الهواتف الذكية ،فإن حلول مثل هذه المشاكل موجودة بالصوت والصورة بل وبأدقّ التفاصيل و الخطوات العملية السهلة.
لقد أصبحنا فعلا بلا حاجة إلى أمثال هؤلاء المختصين في الوظائف المذكورة والسؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين في ظل هذا التطور السريع هو:هل سينتهي دور المعلم ومتى سيختفي ؟
قد لا يدرك الجيل الجديد خطورة هذا التطور المتسارع لأنه يعيشه لحظة بلحظة، بينما يعارضه الجيل
القديم الذي يتخوف من مثل هذه الأمور لأنها لم تكن موجودة في زمنه.

و‏كما ذكرت في مقالة سابقة،فإن العنصر البشري لن ينتهي أبداً. نعم قد تختفي وظائف ولكن ستظهر وظائف أخرى أكثر تخصصاً من تلك التي كانت موجودة ولازال هناك العديد من وسائل التواصل الاجتماعي التي تتيح التفاعل بين الأشخاص حيث يتشاركون أو يتبادلون المعلومات والأفكار في مجتمعات وشبكات افتراضية، من منصّات فيسبوك وتويتر وإنستغرام وتيك توك وغيرها الى ثريدز كأحدث تطبيق تواصل اجتماعي عبر الإنترنت، مملوك لشركة التكنولوجيا الأمريكية ميتا، والتي يمكن الحديث عنها مستقبلاً إن شاء الله.

jebadr@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *