اجتماعية مقالات الكتاب

بحور الذكريات

من منا لا يختزن داخله بحوراً من الذكريات تسقيه ويستقي منها؟ الذكريات في حياتنا سلاح ذو حدين ممكن أن ترفع البعض وترتقي بهم وممكن أن تخفض البعض وتؤذي قدراتهم! منها العذب الجميل ومنها عكس ذلك وفي كلا الحالتين تبقى الذكريات شامخة تسكن داخلنا شئنا أم أبينا لكن من الجميل والمفيد أن نستطيع التحكم في تأثيرها علينا فهناك من الذكريات رغم ألمها إلا أن استرجاعها يسعدنا وينقلنا بعيداً لنعيشها من جديد مهما انكسرنا وتألمنا إلا أن أشخاصها ومواقفها تعيدنا لحقبة أحببناها جدا. ومن الذكريات انكسارات مررنا بها شعرنا في حينها أن الدنيا كلها ضدنا لكننا حين نسترجعها اليوم نجدها ذكريات خدمتنا فقد أكسبتنا قوة وأمدتنا بعزيمة وعلمتنا دروساً لا يمكن نسيانها ومن الذكريات ما إن نسترجعها حتى تحلّق بنا في عالم ممتع نعيشه لحظة ننسى معه آلام عديدة .

في حياتنا من الذكريات الأسود والأبيض والرمادي والوردي، أعتقد أن الذكريات من نعم الله علينا نتذكر فنحمد الله ونشكره نتذكر فنترحم على أشخاص ملأوا حياتنا حبوراً فندعو الله لهم ،نتذكر ما هزمنا ومن أساء لنا ورحل ونختار إما التسامح وإما الحساب يوم الحساب والتسامح الخيار الأكرم ، نتذكر فنجد في ذاكرتنا من أخذوا بأيدينا ومن وقفوا معنا موقفاً نبيلاً ومن علمونا ومن وجهونا .نتذكر أولئك المشرقين في حياتنا فتأخذنا لحظة صمت ووفاء ندين لهم ولن نوفيهم حقهم لكن مرورهم في حياتنا كان جميلاً كيف ننساهم وقد عشنا معهم بحب وسيظل حبنا لهم وذكراهم الجميلة ما بقيت حياتنا ؟

الذاكرة قدرة خارقة أودعها الله فينا لم يتوصل العلم بعد لقدرتها وأبعادها ومع كل ما يجول في خواطرنا نقول سبحان الله والحمد لله فمعجزة الذاكرة التي تختزن أدق تفاصيل حياتنا منذ وعينا على الدنيا حتى مغادرتنا لها أو حتى الإصابة بما يضرب الذاكرة في مقتل ألا وهو مرض(الزهايمر) كفانا الله وإياكم شره وحتى مع هذا المرض نجد المصابين به يختزنون بعض الذكريات القديمة والسعيدة ورغم أن حديثي عن الذكريات إلا أن موضوع مرضى الزهايمر يستحق مقالات وليس مقال!

وعودة على الذكريات فهناك من يسترجعونها ليؤكدوا لأنفسهم أنهم تعساء وحظوظهم في الحياة سيئة وينصحهم البعض بأن ينسوا الذكريات التي توجعهم وفي الحقيقة هم لا يستطيعون النسيان ولا أحد يستطيع نسيان الذكريات أو تناسيها فما تلبث حياتنا إلا وتذكّرنا بما أسعدنا وما آلمنا ونتذكر مالا قيمة له لو ركز معنا أحد ليذكرنا به رغم عدم الأهمية. أنا أعتبر الذكريات رياضة ذهنية جميل أن يشحذ الإنسان ذاكرته ليتذكر مواقف أو أشخاص مهما اختلفت الأوضاع والقيمة فلو تذكرنا من نحب والمواقف التي نحب ففي هذا صلة معنوية روحية بيننا وبينهم إن كانوا أحياء أو أموات ولو تذكرنا ما نكره من مواقف بكل ما فيها ومن فيها فهذه دروس عملية نستعيدها لنستفيد لا لنحزن. ويبقى توقفنا مع ذكرياتنا نابضاً بالحياة ما حيينا ودمتم.

@almethag

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *