اجتماعية مقالات الكتاب

نحن أدرى بشعابنا

يبدو لي أن السويد إتخذت خطوات تراجع الى الوراء وذلك بالعزوف عن إستعمال أجهزة الكمبيوتر واللوحيات في بعض مناهجها التعليمية لأسباب تقول إن مهارات وقدرات القراءة والكتابة قد تراجعت عند طلابها لأسباب كثيرة منها أن الطلبة يقضون أوقاتا طويلة أمام الشاشات ومضيعة للوقت في تصفح الإنترنت لذلك إستوجب إتخاذ قرار العودة الى الكتب والأوراق والأقلام.

هذه الخطوة تتعارض تماماً مع الدراسات التي تؤيد وتدعم إدخال الوسائط التكنولوجية في العملية التعليمية لما لها من إيجابيات في تطوير قدرات ومهارات الطلبة في البحث والإبحار في مجال العلوم والمعارف بضغطة زر واحدة هذا عدا الفوائد والميزات الأخرى التي يجنيها التعلم بواسطة التكنولوجيا مثل تعدّد مصادر المعلومة وتحسين مهارات الكتابة بالتعديل والتصويب وتخزين المحاولات الخ .. والتي هي بالضرورة ما سيواجهه الطلبة في المستقبل بعد تخرجهم في الحياة العامة .

هنا أرى أن تعليم مهارات القراءة والكتابة يمكن إجادتها بفعالية أكبر من خلال توظيف التكنولوجيا وليس العودة الى الوراء وإستعمال الأوراق والأقلام بل يستوجب أن نطور تطبيقات منهجية تدعم تعليم اللغة الأم قراءة وكتابة.
وهنا أجدها فرصة للتعريج ومناقشة معاناة طلبتنا في التحدث والكتابة والقراءة باللغة العربية حيث أنني أزعم وبشدة أن لدينا لغتين الفصحي والعامية إلا أننا نجيد التحدث باللغة العامية ومفرداتها وجملها بالرغم من أننا لم نتلقاها عبر التعليم الرسمي في المدارس . لذلك أعزو التعثر والصعوبة في إجادة اللغة العربية الفصحي الى أساليب وطرق تدريسها وذلك بالتركيز على قواعد اللغة والتفكير قبل صياغة النصوص والجمل واختيار الكلمات كي تكون مؤثرة وليست معبرة وأن تكون متسقة مع قواعد اللغة وهنا تتجلّي المعضلة حيث أننا نفكر قبل أن نتحدث أو نكتب بدلاً من التلقائية والإسترسال في التعبير كما نفعل مع العامية التي إكتسبناها من الأسرة والشارع .

لذلك أشدّد وبقوة أن نعيد التفكير ونسند مهمة وضع تكنولوجيا طرق وأساليب تدريس اللغة العربية الى خبراء مختصين في تدريس اللغات وإستعمال تكنولوجيا مختبرات اللغات الأجنبية والتي أثبتت جدواها في تعليمنا اللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات حيث أن تلك الأساليب تنطلق من ترديد جمل ونصوص إخبارية أو وصفية الخ دون الدخول في تركيبتها الإعرابية والإملائية حتى نكتسب التلقائية التعبيرية والمهارة الكتابية أسوة بالعامية.
وأخيراً ،أرجو أن لا نقتدي بفكرة إلغاء شاشاتنا ، فليس كل ما يأتي من الخارج ذو منفعة لنا فنحن أدري بشعابنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *