اجتماعية مقالات الكتاب

من دهشة الرواية إلى تقييد الشاشة

على خلفية الحوار الذي دار بيني وبين إحدى الصديقات عن الفيلم الألماني All Quiet on the Western المقتبس عن رواية تحمل ذات الاسم وحاز مؤخرًا على جائزة الأوسكار، على خلفية ذلك قررت مشاهدته رغم تحفظي على بعض الأفلام التي كانت بالأصل مكتوبة كرواية على ورق ثم تحولت لمشاهد على الشاشة، لأنها ببساطة قد تسحق الفكرة التي تصوّرها القارئ في خياله عن الأحداث والأماكن والشخصيات ثم جاء الفيلم بسحق ذلك كله في مشاهد أقلّ ما يُقال عنها إنها ظالمة.

وحدث هذا حين قرأت رواية “عداء الطائرة الورقية” للكاتب الأفغاني الأصل خالد حسيني، لا أنسى الإحباط الذي أصابني وجعلني أغلق الفيلم في منتصفه وأتعجب كيف لرواية بهذا الجمال أن تُظلم بهذا الطريقة السيئة.

واعتقد أن هذا يعود لفشل صناعة هوليوود في تحّويل الروايات لأفلام تكون مقبولة للمشاهدة دون الاخلال بالإنطباع الجميل الذي خرج به القارئ من الرواية، فيما تتغلب الصناعة العربية وبالأخص المصرية وبعض الدول الأوربية في تحويل الرواية لمشاهد حيّه، بل وتزيد على النصّ الأصلي ما يبقيها عالقة في ذاكرة القارئ والمشاهد معاً.

فثلاثية الكاتب نجيب محفوظ التي تحولت لمسلسل تليفزيوني صُورت وكأن الابطال خرجوا من الورق للشاشة بمشاهد إبداعية من حيث اختيار الممثلين والأزياء وأرصفة شوارع القاهرة زادت من انتشار العمل وصموده حتى اليوم رغم ظهور العديد من المسلسلات التي كانت بالأصل قصة على ورق، وهذا ما يفعله الجانب الأوربي عندما نجح في تحويل القصة الأصلية لمسلسل outlander اسكتلندية الأصل ممّا جعلني لا أُفوِّت جزءاً واحداً منذ أول صدور لها حتى اليوم، لأنها كحال الفن المصري الذي يعتمد على تعّزيز الصورة المأخوذة من الرواية أوالقصة بعكس الهوليوودي الذي يهمه البهرجة حتى لو زاد مشاهد ولقطات غير مفهومة لا علاقة لها بالقصة الأصلية لمجرد حشو الوقت ووزمن الفيلم كما شعرت بذلك في فيلم “موبي ديك” المقتبس عن رواية تحمل نفس الإسم لهيرمان ملفيل، وحتى لا أكون مجحفة برأيي هذا لايعني أن جميع الأفلام سيئة بل تلك التي تكون مقتبسه عن رواية.

فالقارئ حين يقرأ رواية ما ، فإنها تؤثر به ويرتبط بها، فيتخيل شخوصها والمدن والأماكن والجسور كذلك، فالساعات التي يقضيها بين الأسطر والأوراق تجعله كذلك بطلًا ضمن أبطالها، لأن الرواية تلمس الجانب الصوري والعاطفي منه، فيكون التأثير مضاعفاً حتى إنه ما أن ينتهي ، يبحث عن طريق الأنترنت عن حقيقة الأحداث أو ما يشبع فضوله تجاه تلك الرواية، حتى لو كان شارعاً يمكنه منه أن يشبع فضوله الذي صار جزءاً منه، وهذا ما يجعلني أرفض مشاهدة الأفلام المقتبسة عن رواية حتى لا يصيبني الإحباط وتبقى الرواية بمخيلتي كما صنعتها برأسي لوحدي.

‏‪@i1_nuha

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *