اجتماعية مقالات الكتاب

المشاعر عمياء

الفنان رابح الصقر غنّى للمشاعر بقصيدة للشاعر أبو راس، يصف فيها الحب بالأعمى، قالوا: الحب أعمى، قلت ليته يشوف، وأتذكّر قول نزار قباني: يا ليت المشاعر ترى ليعرف كل ذي حقّ حقه. إن المشاعر كالموج في جماله وروعته، وفي مدّه وجزره، وارتفاعه وانخفاضه.

ولكن كما أنّ تلك المشاعر عمياء فهي أيضًا تتسم بالغباء، وكل المآسي الناتجة عن عواطفنا ليس لها سوى سبب وحيد، هو الغباء الشعوري، صحيح أن الأصل في وجود المشاعر هو الحفاظ على البقاء الإنساني، لكنّ التعامل معها يحتاج إلى ذكاء يسمّى بالذكاء العاطفي، الذي يقوم على فهمها وتقبّلها وضبط الانفعالات الناتجة عنها، وفهم مشاعر الآخرين، يقول الشيرازي: أتريد أن تحظى بشيء من مُلك سُليمان؟ لا تؤذِ مشاعر نملة.

مِن غباء المشاعر أحيانًا أنها تسلِّم مركز التحكّم إلى آخرين فتكون تحت سيطرتهم، وترفع راية الاستسلام، لذلك وجود العقل مهم لضبط البوصلة الشعورية.

إنّ المشاعر هي جزء منا ومن واقعنا، فإذا كبتناها أو تركناها في مقعد القيادة، سقطنا في منحدرات الألم، وقد قيل: غباء المشاعر أن نثق فيمن لا يستحق الثقة، وأن نحب من لا يُقدّر حبنا، وأن نفكر فيمن لا يعنيه أمرنا.

من غباء المشاعر ضعف التعبير بالكلمات، والشكوى الدائمة بعدم فهم الآخرين، والحقيقة أننا لم نفهم أنفسنا.
ويولد غباء المشاعر في جوف الوهم، ويسقط من أعلى سقف للتوقّعات ويكبر بالذكريات والحنين، ثم تجيء لحظة التجلّي باكتشاف الحقيقة في عالم الواقع. نحن لسنا بحاجة لتفسير مشاعرنا، نحن بحاجة فقط لإظهار ذلك!

فاصلة:
كلنا بدون استثناء نغضب. كلنا لدينا خيبات أمل، كلنا نمر بمواجات شعور عمياء وهذا من طبيعتنا البشرية، لكن من المهم التعبير عن الشعور، لا نهرب أو نختبئ أو نخجل منه، التعرف والاعتراف والتقبل والتعبير كلما فعلنا ذلك، كلما شعرنا براحة أكبر في التعامل معه.

Faheid2007D@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *