اجتماعية مقالات الكتاب

رمضان.. الأثر

ويمضي الشهر الفضيل.. تتصرم أيامه، وتتسابق لياليه..
بالأمس كنا نتباشر باستقباله، وغداً نتبادل التهاني بأول ليالي العشر الأواخر..
آه يا رمضان ما أعجلك، وما أسرع مرورك..
هل فعلاً رمضان يمضي سريعاً، أم نحن من نُمْضِه تسويفاً؟

آه يا رمضان ننتظرك طوال العام حتى إذا ما حللت قلبنا نهارك نوماً، وأحلنا ليلك سهراً وتسوقاً وكأن الأسواق كانت طوال العام مغلقة..
لماذا صارت روحانية رمضان تنحصر في أكل وشرب بنهم، وسهر وتسوّق يكاد يعُمْ..
الغريب العجيب أن المشهد يتكرر كل عام.. الغالبية العظمى لا تصحو إلا آخر لحظة.. لا تعلم برمضان إلا ليلة هلاله.. ولا بالعيد إلا ليلة إعلانه.. مشاهد غريبة لا تجدُ لها تفسيراً..

آه يا رمضان، نبحث عن المسجد الذي ينتهي أولاً من صلاة التراويح، لنخرج إلى سهر وتسابيح..
غداً تبدأ فصول أخرى في التفريط بشهر الخيرات، عندما يزحف البشر نحو الأسواق والمحلات.. مهدرين أفضل الأوقات في مناجاة رب الأرض والسماوات.. حتى إن البعض منهن ومنهم يؤذن فجر العيد وهو ما زال في تسوّق ونهم، تفوت عليه صلاة العيد وينهكه التعب فيقضي يوم العيد نائماً ولا يستيقظ إلا ليلاً وقد ذهبت بهجة العيد..

وفي حياة البعض يتكرر المشهد كل عام..
يقف المتأمل الُمُصْلِحُ متسائلاً: ماذا سيحدث لو حل رمضان دون تكديس الأطعمة؟ وماذا سيحل لو هلَّ العيد دون تجميع الملابس والحلوى؟

أهدرنا المعاني السامية لشهر رمضان وعيد الفطر، ونزداد كل عام تمسكاً بقشور لا صلة لها بهذه الأوقات العظيمة.. لا نحاسب بعضنا على تفريط في صلاة وقيام وتهجد، بينما يثور البعض وينقلب عيده نكداً لو نقص مأكل وملبس أو حلوى..
وليتأكد المصلحون والقدوات أنهم لن يجدوا كل الترحيب والقبول في مجتمعاتهم لأن الناس جُبلت على الميل إلى الحلول السهلة..
إنها دعوة مخلصة للتأمل في جدوى ما بدلناه من معاني شهر رمضان وبهجة العيد.. والآباء والأمهات هم أفضل من يقتنع بالعودة ويقنع أسرته بأهمية وروحانية العودة للمعاني السامية وترك القشور حتى وإن ظل هناك من يتمسك بها..

ogaily_wass@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *