اجتماعية مقالات الكتاب

ريعان الشباب

كل من يعرفني يعلم أنني توقفت بعداد الزمن عند سن الخامسة والعشرين، وأحياناً أزيد عليها عامين – من باب الشفافية لا أكثر- وكنت أصر على رأيي مهما حدث ممن حولي من هتافات اعتراض أو ضحكات الدعابات، وعلى الرغم من بلوغ ابني الأكبر سن الثامنة والعشرين، إلا أن هذا الأمر لم يردعني عن الإصرار على موقفي، لا يعنيني ما أصبح هو أو غيره عليه، فقناعاتي مختلفة ونظرتي أيضاً مختلفة لماهي عليه حياتي، قد أطرح على نفسي سؤالًا في الخلوات.. هل حقاً أريد أن يتوقف الزمن عند ذلك التاريخ ولا يتجاوزه، هل أشعر بالخوف من التقدم في العمر ..؟

الجواب هو لا.. ولله الحمد لدي من القدرة ما تجعلني أعيش عمري بجميع مراحله، وأن أستمتع بكل مرحلة من تلك المراحل بكل تفاصيلها، من الابنة الصغيرة، للمراهقة للشابة، ثم الزوجة والأم، وحالياً أجهز نفسي لدور الجدة بكل سعادة وامتنان لله، عز وجل، الذي أنعم عليّ بتلك النعم.

يذكرني هذا الحديث بأحد الأفلام الأجنبية- لا يحضرني اسمه- إلا أنه يحكي قصة امرأة توقف عمرها عند سن الثلاثين وكانت ترى من حولها وقد تجاوزوها بما فيهم ابنتها التي تجاوزت سن الثمانين ثم توفيت بعدها.. قد يقول البعض ليتني أملك هذه المنحة التي وهبت لها حتى لو أنها كانت من وحي خيال الكاتب، في الحقيقة أن تلك السيدة لم تكن تشعر بالسعادة وهي ترى أجيالاً تمر من خلالها وهي تعاصر حياتهم منذ الولادة إلى مماتهم، كانت تتمنى أن تكون شخصًا طبيعيًا يعيش ويموت كباقي البشر، والمقصود هنا بالبشر من كان لديهم من العدالة مع النفس، بأن لا نبالغ في الشعور بتقدمنا في العمر ولا نتصابى وقد بلغنا من الكبر عتيًا، نعيش اللحظة واليوم والعام كما ينبغي لنا أن نعيشه، نحترم أننا تجاوزنا ريعان الشباب دون أن نفقد روح الشباب، فروح الشباب هي إكسير الحياة، وقد لا يملكها بعض الشباب.

لذا أصدقكم القول وأعترف للمرة الأولى أنني قد تجاوزت الخامسة والعشرين، وبلغت الثلاثين من عمري. دمتم في ريعان الشباب.

eman_bajunaid@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *