اجتماعية مقالات الكتاب

بُشرى العوالم أنت يا رمضان

ويأتي رمضان والأمة الإسلامية أكثر شوقاً للقائه والترحيب به، والعيش في جنباته وروحانياته في أجواء دينية مُشبَّعة بفيض من الوجدانيات، وصدق المشاعر تفيض على النفس البشرية جرعات إيمانية والقلوب ملأ بسمو تلك النَّفحات، التي قد يصعب وجودها بل حتى العثور عليها في بقية شهور السنة، وجاء رمضان كعادته ضيفا عزيزاً، على هذه الأمة التي قطفت ثمار انتصاراته التاريخية، منذ عهد النبوة ودولة الإسلام الأولى، حيث انتصارات بدر الكبرى بقيادة نبي الهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

خلَّدت أمجاد الأمة، وصنعت عدد من الانتصارات التي تلت ذلك التاريخ، وفي تاريخ الأمتين العربية والإسلامية المعاصر، انتصارات جددت لأمة التوحيد مكانتها بين الأمم، وأوقظت فيهم روح البطولات والشجاعة والمروءة، سمة الكمال والفضيلة والتَّجلي مع الله وجمع الكلمة لدين أعزه الله بالإسلام، ففي العاشر من رمضان كان للأمة العربية كلمتها، أمام العالم أجمع لاستعادة كرامتها بخوض معركة الحق، ليظل هذا التاريخ واحداً من أهم مكتسبات العصر الحديث، لما يزيد عن نصف قرن ذكرى كُتبت بما الذهب، ورُويت بدماء الشهداء.

حيث ساعة العُبور وارتفاع رايات النَّصر، ليس حُباً في خوض الحروب وإنما رغبة في السَّلام، وأن استعادة الحق جزءٌ أساسياً من كمال الإيمان، فهذه الصور التي يرى المُتأَمَّلُ في ذاكرة التاريخ، يستوعب من خلالها عظمة هذا الشهر الكريم، وأنه شهر العمل والصبر والانجاز في كافة مناشط الحياة، وهو شهر التَّسامح بين أفراد المجتمع وقراءة القرآن، ومهما كانت المشاعر الجيَّاشة في ضمير المُؤمن بعقيدته، يظل قدرة النفس البشرية قاصرة ومُقصِّرة عن رصد معاني وفضائل شهر رمضان المبارك.

ولست مُتحدِّثا عن الجوانب الفقهية للركن الرابع من أركان الإسلام، لأنَّ هناك من هُم الأجدر فقها وعلماً وبلاغة، لإعطاء شهر الصوم والقرآن حقَّه وبيان فضله، وهذا ما جرت العادة السنوية على مستوى وسائل الإعلام السعودية، والدورات الرمضانية وهيكلة البرامج الإذاعية والتلفزيونية، حيث الاستعداد المبكر لها في كل عام، متماشية مع القيم الاجتماعية السائدة، حين تجتمع الأسرة قبل وبعد مائدة الإفطار ببرامج مُتنوعة وهادفة، بتنافس شريف بين الإذاعات العربية والمحطات التلفزيونية، في تقديم الأفضل والأمتع من خلال ساعات البث.

التي تتلاءم وتتوافق مع مكانة شهر رمضان، وتناول سير العديد من الشخصيات الدينية والاجتماعية والتاريخية والثقافية، التي ساهمت عبر تاريخها الطويل، بكل ما يُعَبِّر عن عراقة وثقافة المجتمع السعودي، ولشعرائنا السعوديين أجواءهُم الشاعرية ولياليهم المُقمرة، من البَوْحِ بما في دواخلهم بمساحات كبيرة في المنتديات الأدبية، والمجالس الثقافية الخاصة، وهذه وقفة مع أحد هؤلاء الشعراء في وصف هذا الشهر الكريم.
ترنيمة: للشاعر الكبير حسين عرب
بُشْرَى العَوَالِمِ أَنْتَ يَا رَمَضَانُ هَتَفَتْ بِكَ الأَرْجــاءُ وَالأَكْوَانُ
لَكَ فِي السَّمَاءِ كَوَاكِبٌ وَضَّاءَةٌ وَلَكَ النُّفُوسُ المُؤْمِنَاتُ مَكَانُ

abumotazz@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *