اجتماعية مقالات الكتاب

حسن الإدارة وبيئة العمل

منذ أيام اصابتني نوبة قولون في مقر عملي، والمصاب بتلك الحالة حين يهجم عليه الألم لا يفكر سوى في أمرين: متى سيخف الألم؟، وما الذي يمكنه فعله لتخفيفه، حتى لو استدعى الأمر تخيل أن هناك قوة خفية يمكنها منعك من التكور كجنين لمواجهة تلك الأوجاع بقوة.

ذهبت لاستراحة الموظفات وأنا أحمل فكرة من سيخلفني في مكاني حتى تنتهي تلك النوبة، ما إن شعرت بالألم حتى رأيت الزميلات في حالة استنفار لأجلي حتى هدأت ثم نلت قسطاً من الراحة وعدت لمكتبي، نعم أنا أعمل في بيئة عمل تشبه القرية الصغيرة، وهذا ما يجعلني أذهب كل يوم بحماس لا ينقطع بالرغم من الضغوطات والمواجهات مع المراجعين.

فبيئة العمل الإيجابية التي تتميز بجانب مناسب من المرونة من الإدارة تجاه العاملين وسهولة التواصل بينها وبينهم وتحفيزهم المستمر، تنتج فريق عمل على قدر عال من الإنتاجية والاخلاص تجاه المنظمة، ما يجعلهم يقدمون أفضل مخرجات تخدم وتساعد في نجاحها وتطورها. فالتحفيز يجذب قدراً أعلى من الكوادر التي تساعد في نجاح ما تسعى إليه كل إدارة من زيادة في الانتاجية، وكنا قد سمعنا بالكثير من القصص عن أناس رفضوا العمل برواتب أعلى مما يتقاضونه، نتيجة ما وجدوه من استقرار نفسي وشعور ان لهم قيمة وليس مجرد عدد في المكان الذي يعلمون فيه ما استدعى الرغبة في الاستمرار، وعدم فقدان ذلك بالانتقال لعمل آخر.

فالكاتب مارك توين قال هذا الشأن: “الطريقة الوحيدة لدفع نفسك للأمام هي أن تقوم بدفع شخص آخر إلى الأمام” فلا يمكن لمنظومة أن تحقق أهدافها إن كانت تعج بصراعات بين العاملين، أو شعورهم بعدم جدوى ما يقدمونه من خدمات، بل العكس يقاس نجاحها أحياناً بما يضيفه العامل إليها ما يساعدها على النمو والاستمرار.

فالعامل يقضي أكثر من نصف يومه في بيئة يتعامل مع أشخاص أكثر مما يتعامل مع عائلته وأصدقائه، ولذلك أنا ضد فكرة ان بيئة العمل يجب أن تكون شديدة الرسمية أو تنتهي العلاقة بمجرد الخروج من مقر العمل، بل العكس أرى أن أفضل إدارة هي التي تساعد على إنشاء مجتمع وظيفي يمتد خارج حدود المنظمة في علاقة صداقة بين العاملين ما ينعكس ذلك على روح العمل الجماعي فيما بينهم. وهذا ما جعل مقر عملي مثالياً بالنسبة لي رغم تعدد الفرص، حين رأيت أني أعمل وأنا محاطة بالتشجيع والحياة العائلية التي أقضيها معها معظم يومي في مكان نعمل فيه بيد واحدة وروح مملوءة بالحب فيما بيننا.

i1_nuha@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *