اجتماعية مقالات الكتاب

الانسحاب لأجل النجاح

كنت أستمع إلى حلقة بودكاست حول “الانسحاب من أجل النجاح”، وقد تترجم الى التغيير لاجل النجاح. أجرى إريك فيشر مقابلة في برنامجه مع ستانلي روبرتسون، مؤلف كتاب “الانسحاب، المبدأ الأخير للنجاح”. هذا موضوع مثير للاهتمام لأننا غالباً ما نربط بين الانسحاب او التغيير بالفشل. قال إن الناجحين لا ينسحبون أبداً والمنسحبون لا ينجحون أبداً، وأن تعلُم الانسحاب، قد يصبح عادة بمجرد أن نتعلم كيف ننسحب المرة الاولى. في هذا المقال، أود أن أشارككم بعض الفوائد الرائعة التي تعلمتها.

وفقاً لروبرتسون، “الانسحاب ليس مقبولاً فحسب، ولكنه مهم عندما يتعلق الأمر بتحقيق النجاح في الحياة”، ‏الناجحون فقط من يفهمون ذلك. ‏وأضاف ‏ان المنسحبين لا يضيعون وقتهم في أشياء لا يحبونها؛ بدلاً من ذلك، يغيرون وجهتهم ويضعون جهودهم في مكان آخر. هم بذلك يوفرون طاقة وجهد ويوظفونها بشكل أكثر فعالية في أمور أكثر أهمية بالنسبة لهم وتعود عليهم بالنفع.

هناك منا من هو عالق في وظائف أو علاقات بشرية لا يحبها ابدا؟ هؤلاء يعرفون انه لا يوجد ضوء في نهاية النفق، ومع ذلك قرروا الاستمرار. من ناحية أخرى، هناك آخرون يعرفون متى وكيف ينسحبون. بمجرد إدراك أنهم غير سعداء في العمل الذي يقومون به أو في علاقاتهم مع صديق او زوجة، فإنهم يتوقفون فوراً، ويوجهون جهدهم لمكان آخر. لديهم القدرة على اتخاذ القرار السريع للانسحاب من الوظيفة التي لا يستفيد منها أبدا ولا يشعرون فيها بالسعادة، وينهون العلاقة فوراً إذا علموا أن العلاقة لا يمكن إصلاحها. مثل هؤلاء لا يضيعون وقتهم في أشياء لا يستمتعون بها.

استخدم روبرتسون مثال المصارع ذا روك، الذي ترك وظيفته كمصارع محترف لمتابعة مهنة التمثيل في هوليوود الى ان اصبح من اعلى الممثلين شهرة واجراً. هو لم يكن خائفاً من الانسحاب وإجراء التغيير. الممثل الشهير أرنولد شوارزنيجر هو مثال آخر كلاعب كمال أجسام سابق. انسحب من مسيرته في رياضة كمال الأجسام عندما كان في القمة، وتحول الى مهنة التمثيل الى أن أصبح ممثلاً مشهوراً. بعدها قرر التغيير وانسحب الى عالم السياسة ليصبح حاكماً ناجحاً لولاية كاليفورنيا.

لدينا أمثلة لرواد الأعمال السعوديين الشباب الذين عملوا سابقاً في وظائف حكومية وفي القطاع الخاص. على الرغم من أنهم كانوا ناجحين في وظائف مرموقة ذات اجر كبير، إلا أنهم اختاروا الانسحاب لمتابعة شغفهم بعيداً عن الوظيفة الحكومية أو القطاع الخاص. لقد فهموا التحدي المتمثل في ترك منصب آمن والمغامرة في المجهول. بمرور الوقت، أصبحوا فيه رجال أعمال ناجحين، كانوا قد رسموا طموحات جديدة واختاروا السير في طريق مختلف.

‏وأنا هنا لا أعني بأية حال من الأحوال أن ينسحب المرء لأجل الانسحاب. الانسحاب لابد أن يكون مدروسا بطريقة سليمة لضمان الانتقال الناجح للمشروع التالي. فمن أراد الانسحاب من وظيفة لا يشعر فيها بالسعادة إلى وظيفة أخرى فعليه ألا يفعل ذلك حتى يضمن الانتقال إلى الوظيفة التالية. وكما ذكر روبرتسون في حديثه، التغلب على الشعور السلبي عند اتخاذ قرار الانسحاب أمر ضروري وعلى الفرد أن يغير طريقة تعامله بشكل كامل وإعداد نفسه ذهنياً للمرحلة المقبلة. وقبل هذا كله طلب التوفيق من رب العالمين، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.

jebadr@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *