اجتماعية مقالات الكتاب

كلنا طيبون

شاهدت مقطعاً في أحد مواقع التواصل الاجتماعي لسيدة تقول فيه: “إذا أنا كوّيسة وبنت ناس.. وأنت كوّيسة وبنت ناس.. ودا كوّيس وابن ناس..! فين ولاد….؟؟ اللي ربنا بالينا بيهم”.

قد تضحك على المشهد خاصة أن الطريقة التي كانت تتحدث بها السيدة مثيرة للضحك الممزوج بالخيبة، ويبدو عليها أنها قد نالت من الصدمات الكثير مما دفعها إلى ذلك التساؤل، إنما في الحقيقة هو تساؤل يحتاج إلى وقفة تفكير.

هل صادفت شخصاً في حياتك يقول لك بمنتهى الصراحة إنه يتصف بصفات الغدر والنذالة، ولا يمكن أن يؤتمن عليك..؟ هل أخبرك أن تحذره؛ لأنه سينقلب عليك في أي لحظة..؟ من المستحيل.. فليس فينا من ينظر إلى مرآة الحقيقة بنظرة الناقد لنفسه قبل الآخرين، حتى لو كان صاحب مصداقية عالية، أعلم أنه الآن تدور في ذهنك مقولة “هي ليش تعمم” أو “أنا لست منهم”؟ الأمر ليس تعميماً إنما فهم حقيقي للنفس الإنسانية بعد أن أخذت مني أوقاتاً طويلة من الحديث الطويل مع النفس، بدأتها بكل شخص حدث بيني وبينه خلاف وأنا متيقنة من أنه (ابن ناس)، كنت أقول في نفسي لماذا صدر منه هذا الموقف؟. هل كنت مغيبة عن حقيقته؟ وكان الجواب دائماً الذي أواسي به نفسي أنني أخطأت الاختيار وهذه كانت النتيجة.. مجرد مسّكن أتناوله حتى لا أقف في مقام القاضي، إلى أن صحوت من حالة التنويم تلك التي كنت أداري بها خيباتي في الآخرين.. لأصل إلى نتيجة أكيدة وهي أننا كلنا طيبون إنما المواقف جعلتنا نأخذ جانباً لا ينتمي لنا من باب حماية النفس.

في كثير من الأوقات التي تحدث فيها بينك وبين صديق أو قريب أو حتى زميل نوع من المشادة أو الفهم الخاطئ، ويصل الأمر إلى ذروته، وتأخذ جانبك أنت، ومؤيديك وهو يقوم بالمثل.. أرجو منك أن تراجع عباراتك بدقة، ستجدها جميعها تحمل عبارات هو خذلني هو تعدى عليَّ هو أخطأ في حقي، دون مراجعة لما صدر منك في المقابل أو ما جعله يتعدى عليك منذ بداية القصة، وفي هذه المرحلة يأتي دور الحلفاء الذين إن كانوا بنفس تفكيرك سيكونون حماة لفكرتك ومؤيدين لك دون القيام بدور العقل الذي أغفلته وأعطيته إجازة مفتوحة المدة في هذا الأمر، وإن ظهر من بينهم شخص رشيد فثق تماماً لن يطول خلافك كثيراً؛ لأن ذلك الشخص فلم مصوّر في ذاكرته عن المشهد كاملاً عندما نشب الخلاف، ستنظر لنفسك باستغراب، هل الشخص الكائن في ذلك الفلم هو أنا حقيقة..؟ في تلك اللحظة فقط ستدرك أنك كنت أحد أسباب نشوب الخلاف، وقد تبدأ في الغضب من نفسك، وتنضم لفريق المؤيدين لخصمك.. لا تندهش، جميعنا نحب أن نكون على صواب متغافلين عن كوننا من البشر نصيب ونخطئ.

eman_bajunaid@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *