مما لا شك فيه أن الوهم هو اعتقاد مبني على أساسات غير ثابتة وغير حقيقية، ويبني الفرد هذه الاعتقادات من مواقف مر بها أو سمع عنها أو ربما عاصرها فيبني لديه أفكاراً مزعجة جداً، وتحبسه في دوامة من سيل الأفكار التي يظل أسيراً لها.
ويسخر الفرد قوته الدماغية كلها في تضخيم الفكرة، حتى تأخذ أبعاداً أخرى، وهذه الطريقة من التفكير تجعل الفرد يستبق الأحداث، فصبح مريضاً قبل أن يمرض وحزيناً على مواقف لم تحدث وخائفاً من ذاته على ذاته، لكنه يظن أن هذه الطريقة ليست إلا تنبيهاً وحرصاً منه دون إدراك عواقب الوهم.
ومن المؤلم جداً أن يصبح الفرد ضعيفاً، وكل قوته تخور، وتندثر خطوة خطوة بسبب ظنونه غير الحقيقية، فليس بوسعه أن يتقدم، بل يظل ثابتاً في مكانه سكوناً دون إحداث أي تغيير في ذاته؛ حيث أن مشاعره تنبهه بحدوث كل سيئ إذا حاول أن يتقدم أو يتحرك نحو الأمام.
كما أن الوهم يجعل الفرد مركزاً على كل أنواع السلبية فهو قد بنى حصوناً قد يكون من الصعب عليه هدمها حيث أنه يظن أن الأمور السيئة تتربصه والأمراض تطارده والفشل ينتظره عند أول الطريق؛ وهكذا يدور في حلقة مفرغة تماماً من كل شيء إلا الخوف، فيظل خائفاً على الدوام.
إن كل أفعالنا لها دوافع ودافع الوهم هو الفراغ وما أن يصبح الفرد فارغاً تمكن الوهم منه حيث أن عقل الإنسان يتغذى بالتعلم وبالممارسة المستمرة، وهذه حاجة العقل حتى يستطيع أن يكون منتجاً ومبدعاً وبمجرد ما أن يتوقف الفرد عن تغذية عقله بما يحتاجه، فإنه يتمسك بكل فكرة سيئة ولذا يعد الوهم قاتلاً صامتاً ومحاربته أمراً مهماً، حتى لا نفقد حياتنا ونحن على قيد الحياة.
fatimah_nahar@
