اجتماعية مقالات الكتاب

أفلام تصور ثقافتنا وهويتنا

بما أننا اعتدنا على مشاهدة الأفلام العالمية الشهيرة، كان من الرائع أن نرى الآن أفلاما تصور ثقافتنا وهويتنا، على عكس ما نراه عادةً في أفلام هوليوود. إنه تحول ملفت أن نرى قيمنا ولغتنا وتاريخنا على الشاشة الكبيرة.

وقد حملني هذا لحضور المهرجان البحر الأحمر السينمائي المقام في جدة الأسبوع الماضي وفعلا كما قالت إحدى المخرجات السعوديات الحاضرات مؤخرا: (السعوديون من أكثر رواد ومتابعي السينما العالمية، الآن حان الوقت لإنتاج أفلامنا الخاصة ليستمتع بها السعوديون).

صفق الجمهور بحرارة لصانعي الأفلام الشباب والشابات الذين سردوا تجاربهم للمشاهدين قبل عرض أفلامهم.
مع فوز بعض الأفلام بجوائز مثل فيلم (بين الرمال)، تعتبر هذه قفزة نوعية لإنتاج أفلام سعودية التي كانت في السابق تعترضها كثير من الصعوبات.

وأذكر أنني أجريت مقابلات صحفية مع بعض صانعي الأفلام السعوديين آنذاك، والذين كانوا يطمحون إلى تصدير الأفلام السعودية لبقية العالم، واكتساب شهرة عالمية، وكان هذا قبل افتتاح دور السينما بعدة سنوات، فتحدثوا عن بعض الانتقادات التي واجهوها، ومنها ذكر أحدهم أنه قيل له إن صُنّاع الأفلام هنا يضيعون وقتهم في هذا المشروع.

ولكن كان الإصرار والأمل، هو الدافع والمحفز لهؤلاء للاستمرار؛ من أجل بداية ونشأة قوية للسينما السعودية.
وها نحن ذا نحضر الآن النسخة الثانية من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وقد حاز على إقبال كبير، وشهد نجاحًا ملحوظًا، وحظي بتغطية إعلامية كبيرة، وحضورًا مميزًا من قبل الصحافة الغربية، ونال استحسان النقاد، والمجتمع السينمائي الدولي.

بين الحين والآخر ألتقي بأشخاص أجانب يشاركونني رأيهم عن الفيلم المثير للجدل” وجدة ٢٠١٢، وهو أول فيلم يتم إنتاجه في المملكة العربية السعودية، ويتم ترشيحه لجائزة الأوسكار؛ حيث يحكي الفيلم قصة فتاة متمردة تحلم بامتلاك دراجة، ويتناول قضايا المرأة وأهم الموضوعات الاجتماعية في المجتمع السعودي.

ودائمًا يوجه هؤلاء الأجانب سؤالًا مكررًا لي.”هل هناك أفلام تنصحين بها لمشاهدتها لنتعرف أكثر عن السعودية. هل لديك اقتراحات لأفلام تطلعنا على المزيد عن بلدك؟

“وجدة” كان فيلمًا رائعًا، ما زلت أنصح بمشاهدته، ولكن للأسف الخيارات الأخرى قليلة جدًا.
حان الوقت لتصدير أفلام نستطيع من خلالها تسليط الضوء على الوجوه المتنوعة للسعودية. لدينا مجالات وقصص يجب مشاركتها في الساحة.
والأهم أنه يجب علينا أن نروي ونوضح وجهة نظرنا بما يتواءم مع قيمنا وتراثنا.

لفترة طويلة، تم تعمد إظهار العرب بشكل سلبي في الأفلام الأجنبية؛ فالعربي في السينما العالمية دائمًا ما يتم تشخيصه؛ كرجل مخيف وهمجي وغير متحضر، والمرأة ضعيفة ومضطهدة، وغيرها من الصور النمطية السلبية للغاية.
نلاحظ أنه في الأفلام الغربية يتم تصوير حياة الصحراء والثقافة العربية والإسلامية على أنه شيء غريب أو كما يسمى “Exotic”، بالإضافة إلى أن كثيرًا من الأفلام تخطئ في التصوير الحقيقي للثقافة العربية، مثل اللهجات الركيكة، والخطأ في لبس الزي التقليدي والعادات والتقاليد الخاطئة.

اليوم يجب أن نصور العربي أو المسلم كما هو؛ على أنه شخص عادي لا موالٍ للغرب، ولا يتمثل بصورة شريرة.
لفترة طويلة، كان يتم تقديم العرب في الأفلام بشخصيات مختلفة- أكثرها سلبي- ما عدا شخصية البطل، ويعود السبب في ذلك لعدم معرفة الغرب بأهم سمات الشخصية الشرقية والفروقات الهامة الدقيقة بين دول الشرق الأوسط واللهجات العربية والتاريخ والثقافات العربية إلخ. ولكن السبب الأكبر يكمن في أننا ليست لدينا سيطرة ولا إمكانية لرواية قصصنا بأنفسنا.
يتطلب إنتاج الأفلام وقتًا وجهدًا وموارد كافية لصناعتها، حتى الأفلام التي عُرضت اليوم في مهرجان أفلام البحر الأحمر السينمائي استغرقت سنوات حتى تكتمل، ولكنه استثمار هام لنقل الصورة الحقيقية لمجتمعنا إلى العالم الخارجي.

layanzd@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *