متابعات

طالبوا بضبطها ووقف الاستغلال.. مواطنون لـ«البلاد»: المدارس الأهلية.. رسوم تتخطى حدود المعقول

مكة المكرمة – أحمد الأحمدي، رانيا الوجيه، مرعي عسيري

تخطت رسوم المدارس الأهلية حدود المعقول، إذ بلغ بعضها 90 ألف ريال بعد أن كانت في وقت سابق لا تتعدى 10 آلآف ريال، لتقفز بشكل أزعج أولياء أمور الطلاب الذي أبدوا استغرابهم ودهشتهم من الارتفاع الكبير هذا العام، في ظل استغلال الملاك لاندفاع الأسر ناحية المدارس الأهلية وتفضيلها على الحكومية ليعلنوا عن إيقاف التسجيل لعدوم وجود مقاعد كافية، ما يضر أولياء الأمور لدفع الرسوم قبل فقدان أبنائهم لمقاعدهم هذه المدارس التي تحظى بثقة أعلى.

وقال أولياء أمور وتربويون لـ”البلاد”، إن وضع حد لجشع المدارس الأهلية يكمن في تقوية المدارس الحكومية من كافة النواحي بما يكفي لتفضيلها على الأهلية وكسب ثقة الأهالي، وذلك عبر الاختيار المثالي للمعلمين الأكفاء أو التعديل في طبيعة المناهج بما يتماشى مع الطفرة التنموية ورغبة الجميع في التعليم المتواكب مع المناهج العالمية، أو عبر خصخصة التعليم بما يحقق نقلة نوعية ويخفض الرسوم بما يتوافق مع قدرة الأهالي، مطالبين في الوقت ذاته بتدخل وزارة التعليم لوضع سقف للرسوم وفق ضوابط واشتراطات معينة.

يرى مواطنون أن أسعار المدارس الأهلية بالمملكة مبالغ فيها ولا تقارن بالخدمات المقدمة للطلاب الملتحقين بها، لافتين إلى أنه على الرغم من تحمل الدولة ضريبة القيمة المضافة المستحقة على الخدمات التعليمية الأهلية المقدمة إلى المواطنين، إلا أن الأسعار في تزايد، مؤكدين أنه من حق الطالب الملتحق بالمدارس الأهلية في أية مرحلة من مراحل التعليم العام أن يتلقى تعليما نوعيا وخدمات تعليمية وحوافز تشجع على الإبداع والابتكار مقابل الرسوم التي تدفع، ولكن بعضها دون المستوى، وفقا للدكتور التربوي صالح الحمادي، الذي شدد على أهمية تطبيق نظام المخالفات والجزاءات على المدارس الأهلية والعالمية ورياض الأطفال التي تزيد رسومها الدراسية بدون موافقة وزارة التعليم بصرامة حتى لا تتحول الرسوم إلى مبالغ طائلة غير مبررة.


وقالت المواطنة شاليمار شربتلي، إن لديها تجربة مع المدارس الأهلية، إذ تدرس بناتها الثلاث في مدرسة أهلية إحداهما في المرحلة الثانوية برسوم تقارب الـ30 ألف ريال، والابتدائي برسوم قدرها 27 ألف ريال، لأما الروضة بـ19 الف ريال، مؤكدة أن هذه الرسوم بعد تخفيض كبير وبشكل خاص لها، بينما بقية الطلاب رسومهم أعلى بكثير، حيث تضطر بعض الأسر للقبول بهذه المبالغ في ظل عدم القناعة التامة بما يقدم من قبل المدارس الحكومية التي تحتاج للمزيد من التجويد حتى تجذب الطلاب في مختلف المراحل الدراسية.

وتوافقها في الرأي، هند حجازي مؤكدة أن لديها ثلاثة أبناء في مدارس خاصة بمراحل دراسية مختلفة، مضيفة: “نعاني من ارتفاع أسعار المدارس الأهلية وبالتحديد المدارس العالمية، التي يلتحق بها في الأغلب طلاب من جاليات عربية، ومع نقص عدد الطلاب المقيمين أصبح هناك ارتفاع في أسعار الرسوم الدراسية لتغطية العجز المادي، وبدوري كولية أمر في حال تم رفع الرسوم أضطر إلى تغيير المدرسة والبحث عن أخرى، بما يتناسب مع الميزانية وبذات المستوى للمدرسة السابقة، لذلك أصبح هناك تنافسا في الأسعار بين المدارس الخاصة والعالمية التي تقدم ذات الجودة والخدمة للطلاب”.


تنمية المهارات العلمية
أكد الموجه الطلابي يحيى مشافي، أن العمل على إيجاد بيئة مدرسية ملائمة في المدارس الحكومية، مع اعتماد اللغة الانجليزية التي أصبحت لغة العصر وإتقانها، واستبدال التعليم التقليدي بالتعليم التقني وتنمية مهارات التواصل والاتصال في كافة البرامج التقنية، يجذب الطلاب للمدارس الحكومية بدلا عن الأهلية، مشيرا إلى أهمية تهيئة المباني الذكية والآمنة وتجهيزها بالمعامل والقاعات الافتراضية والمختبرات للتعلم التطبيقي وممارسة ذلك بشكل واقعي ومقنن، كما يجب وجود شراكة واقعية مع بعض المدارس العالمية في عدة دول والاستفادة من الفصول الافتراضية لنقل الخبرات والمعارف بشكل مباشر، وتنمية المواهب ودعمها للوصول بها للتميز وتقديمها للمجتمع لتكون قدوة للآخرين، وتقديم برامج نوعية للطلاب مثل برامج الذكاء الصناعي والأمن السيبراني وبرامج الفضاء وغيرها ليواكب الطالب واقع هذا العصر الرقمي السريع، إضافة إلى الكشف عن ميول كل طالب وتوجيهه بشكل صحيح وتقديم ذلك بشكل عملي، وإنشاء قاعات رياضية ومسارح تسهم في خلق بيئة مدرسية جاذبة تنفذ من خلالها برامج صحية وترفيهية تجعل من المدرسة المكان الأول للطالب. وأشار مشافي، إلى أن رسوم المدارس الأهلية الباهظة يجب أن يقابلها تعليم مميز للطلاب بعيدا عن فكرة الربحية للتعلم في المدارس الأهلية، لأن اختيار ولي الأمر لها لا يعني البحث عن النجاح السهل، بل يجب أن يكون هناك قيمة معرفية تنمي من قدرات الطالب ليكون أحد أهم الركائز الأساسية للرؤية الطموحة التي انطلقت في وطننا الغالي لتواكب العصر وتجعل منظومة التعليم لدينا في أهم المراكز المتقدمة على مستوى العالم.

إعادة نظر
أكدت المعلمة سارة ناصر، أن رسوم المدارس الأهلية مبالغ فيها بالرغم من قصر مدة الفصل الدراسي الواحد، كما أنه لا يوجد ما يميز المدرسة عن الأخرى مما يستدعي رفع الأسعار، مطالبة الجهات المختصة بإعادة النظر في الرسوم الدراسية التي يتم وضعها للمدارس الأهلية، بينما قالت المعلمة لطيفة أحمد، إن بعض المدارس تستخدم أسلوب العروض لجلب أولياء الأمور ثم تعاود رفع الأسعار مرة أخرى.

ونوهت طيف العاصمي إلى أن الرسوم مرتفعة جدًا للعوائل التي لديها أكثر من طفل، حيث فيصل مجموع المبلغ سنويُا لأكثر 60 ألف للمرحلة الابتدائية، مطالبة بتخصيص لجنة لتحديد سقف للرسوم. في السياق ذاته، قال المستشار التعليمي والتربوي الدكتور محمد العامري: “تسعير الخدمات التعليمية التي تقدمها المدارس الأهلية مسألة تحكمها طبيعة السوق ومتطلباته ومتغيراته، وتخضع لقوانين العرض والطلب، والكثير منها ملتزمة برواتب وإيجارات ومصاريف تشغيلية سواء كان التعليم حضوريا أم عن بعد، وهذا يجعلها أمام خيارات في عمليات التسعير، والمدارس التي تديرها عقليات إدارية تراعي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، والتمويل والتوظيف والإنتاج والتسويق، وتتنبأ بالقيمة العادلة لتسعير الخدمة وفق معادلات الإدارة المالية ومنهجيات الإحصاء السليم، ولكن عندما تغيب هذه العمليات يصبح التسعير ارتجاليا ويخضع لعملية التوقع والتناغم مع المنافسين ونحن كمستهلكين يجب أن نكون واعين بذلك فنختار ما يتناسب مع احتياجاتنا”. ويقول مدير عام التعليم بمنطقة عسير الدكتور أحمد خضران، والمعلم حسن حنبص عسيري، إن الاجتهاد في تحسين المدارس الحكومية دون شك يقطع الطريق على مغالات المدارس الأهلية، التي تمنح أحيانا درجات تحفيزية لا تعبر عن المستوى الحقيقي للطلاب.


هدف ربحي
اعتبر الناشط الاجتماعي عبدالرحمن المرشد، أن زيادة رسوم المدارس الأهلية بشكل سنوي لدرجة أن الارتفاع بلغ خلال 6 سنوات 100 % هدفه الربحية، وليس هناك ما يستدعي، مشيرا إلى أنه ربما ترتفع الأسعار مستقبلا بنسبة 200 % إذا استمرت الزيادة بهذه الوتيرة، مرجعا ذلك إلى عدم الارتقاء بمستوى المدارس الحكومية لمنافسة الأهلية، منوها إلى أن بعض المدارس الأهلية لا تقدم للطلاب ما يوازي الرسوم المدفوعة. وأضاف: “بخلاف الرسوم هناك مبالغ على الاحتفالات والملابس والأدوات التي يفترض أن تتكفل بها المدارس ضمن الرسوم”.

فيما أكد الدكتور زهير بن حسين غنيم أحد ملاك المدارس الأهلية في مكة المكرمة، أنه ضد قيام أية مدرسة أهلية برفع رسومها، لكي لايتضاعف الضغط على أولياء أمور الطلاب، مبينا أن وزارة التعليم لا تسمح بأية زيادة في الرسوم دون أن تحدث المدارس الأهلية وتطور مستوياتها، مطالبا بتدخل عاجل يعيد الأمور إلى نصابها.

من جهته، أكد مشرف عام مدارس أهلية بالعاصمة المقدسة الدكتور عبد الرحمن بن حمود الغامدي، أن الرسوم الدراسية أصبحت هاجسا لأولياء الأمور، ومن جهة أخرى للمدارس مبرراتها إذ تعزو ذلك إلى ارتفاع أجرة الخدمات الحكومية والخاصة وارتفاع الحد الأدنى لرواتب المعلمين، بينما تؤكد وزارة التعليم أنه لايحق لأي مدرسة رفع الرسوم إلا بموافقتها، وبالنظر للمعطيات السابقة فأن رفع الرسوم متعب على ولي الأمر، ولكن لابد منه إنما في أضيق الحدود، على أن يكون له مقابل في خدمة تربوية ومتميزة.


بالمقابل، يرى نائب المشرف العام على إحدى المدارس الأهلية أحمد بن علي الحجازي الثبيتي، أن المدارس الأهلية عندما رفعت الرسوم اضطرت لذلك لأنها تقلت خسائر كبيرة أثناء فترة جائحة كورونا، حيث أغلق بعض المستثمرين مدارسهم وباعوا أصولهم حتى يسددوا ديونهم ويوفروا رواتب المعلمين والمعلمات والمصروفات المعتادة، مبينا أن ما تقدمه المدارس الأهلية من برامج جيد مقارنة برسومها.

 

محامي لـ«البلاد»: النظام يمنح أولياء الأمور حق التظلم

أكد المحامي فارس بندر، أنه مع كل بداية عام دراسي يواجه أولياء الأمور مشاكل عديدة مع ملاك المدارس الأهلية، حيث أصبحت الرسوم الدراسية مبالغ فيها، على الرغم من تقنين عدة قواعد منظمة للرسوم الدراسية الأهلية.وأضاف: “بحسب ما نصت عليه المادة الرابعة من النظام الجديد فإنه لا يحق للمدرسة أن تضع الرسوم بدون رقيب ويعتبر ذلك مخالفًا للنظام بل يجب عليها أن تتقدم بطلب وتتم دراسته ومن ثم الموافقة عليه. ويجب على المدارس الراغبة في زيادة الرسوم الدراسية تقديم طلبها عبر بوابة التعليم الأهلي على الرابط الإلكتروني لبرنامج الرسوم الدراسية خلال الفترة التي تحددها اللجنة سنويا، وبما يتماشى مع التقويم الدراسي السنوي”.
واستطرد قائلا: “عند تقنين هذه الرسوم الدراسية وقبولها بعد موافقة الوزارة على إقرار الرسوم الدراسية يجب على المدرسة إشعار أولياء الأمور بالقرار قبل نهاية العام الدراسي حسب المدة المحددة في لائحة تنظيم المدارس الأهلية، وفي حال عدم التزام المدرسة بإشعار أولياء الأمور بالتعديل في الوقت المحدد، يتم التعامل معها وفقا للمادة الحادية عشرة من هذه القواعد المتعلقة بهذا الشأن فلا يحق للمدارس زيادة الرسوم الدراسية بدون صدور قرار موافقة من وزارة التعليم، وتوضيح كافة النقاط والاحتياجات التي استدعت لموضوع الزيادة، بل ولم يكتف النظام عند هذا الحد وكفل حقوق أولياء الأمور أيضا عند تقديم الشكوى حيال ذلك وفقا للمادة التاسعة والتي من خلالها يحق لولي أمر الطالب التقدم بالتظلم حيال أية زيادات في الرسوم الدراسية غير المعتمدة من الوزارة عن طريق بوابة التعليم الأهلي وتتولى اللجان الفرعية في إدارات التعليم دراسة هذه الطلبات وإشعار ولي أمر الطالب والمدرسة حيالها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *