اجتماعية مقالات الكتاب

أرخصوه

ما قصة عنوان هذه المقالة.. بغض النظر عمن أطلق هذه الكلمة أول مرة.. إلا إنها تظل أثراً يصلح لكل زمان ومكان.. ودون اتفاق أو توافق وبلا حملات ودون مقاطعات.. فإن سلوك الترك، هو أبلغ رسالة ترسلها أنتَ وأنا وهو وهي.. فقصة غلاء اللحم وكلمة (أرخصوه أنتم) تلخص سلوكاً استهلاكياً، ومنهجاً حياتياً رفيع المستوى، عميق الأثر ويتم اتخاذه دون أدنى جهد.. كما أن قصة غلاء سعر الزبيب مثال آخر على منهج تركه واستبداله بالتمر.

إن “سلوك الترك” وسياسة “أرخصوه” أسلوب حضاري، كما أن “الاستبدال” منهج استهلاكي متقدم.. فالخيارات كثيرة، والأصناف متعددة ولن تتوقف حياة البشر على نوع معين؛ بل إنك قد تكتشف أنواعاً من المنتجات أعلى جودة وأقل سعراً.

وببساطة متناهية، فإن تغيّر أسعار السلع والخدمات سمة الحياة فلا شيء يبقى على حاله.. ولعل الناس تجد فيها فرصة لتتخذ سلوكاً استهلاكياً جديداً.. فمن الوهم أن يقول أحدنا: إنه اعتاد على هذا المنتج أو ذاك.. فمثلما تعودنا على منتج فإنه بإمكاننا التعود على غيره.. ولا تجعل من نفسك أيها المستهلك أسيراً للعادة فتقيّد معيشتك.. وتحجّر واسعاً، ففي الحياة متسعٌ لخيارات لا حدود لها في كل السلع والخدمات؛ في المأكل والمشرب واللباس والأدوات والترفيه، وقد تكتشف في التغيير مميزات أفضل.

إن “سلوك الترك” سلوك عالمي المستوى تطبقه كل المجتمعات في كل زمان ومكان.. ولن يحتاج سوى إرادة قوية وقرار بترك أي شيء لا يناسبك سعره، ولا تتفق قيمته مع قناعاتك.. ودعك من ضغوط الأبناء والأسرة بل افتح حوارات توعوية في هذه الأمور وأنت في هذا ترفع مهاراتهم الشرائية وقراراتهم الاستهلاكية، فتكون بذلك قد أسديت لأطفالك مهارات تنفعهم في قابل حياتهم.

ولا شك أنكم سمعتم بقصة ربات المنازل في بلد لاتيني عندما قررن في زمن مضى ترك شراء البيض عندما ارتفعت أسعاره. وقصة ربات المنازل في بلد أوربي عندما قررن ترك شراء لحم البقر عندما لم تناسبهن قيمته. فلا أولئك النسوة اتفقن ولا هؤلاء النسوة توافقن، بل كانت قرارات فردية شكلت في مجموعها سلوكاً استهلاكياً جماعياً، وهذا ناتج عن وعي رفيع لدى أولئك النسوة في ترك ما رأين أن سعره لا يروق لهن. وفي هذا الاتجاه هل يقبل عاقل أن يكون سعر وجبة باردة أقل من تكلفة إيصالها، لا يقبل به سوى كسول هرِم حتى لو كانت سنه في مرحلة الشباب.

منتهى القول وخير الكلام: لسنا بحاجة إلى حملات مقاطعة ولا تحريض عليها بل نحن بحاجة إلى وعي يصنعه كل فرد لنفسه.. فالقرار قرارك أنتَ وقرارك أنتِ، فما ترى وترين أن سعره مرتفع اتركوه واستبدلوه بغيره.. وما تعتقدون أن قيمته النقدية لا تناسبكم” أرخصوه أنتم”.

ogaily_wass@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *