جدة ـ إيمان بدوي ـ نجود النهدي
تتسلل من بين أزقة وبرحات المنطقة التاريخية في جدة، خلال الأمسيات تقاسيم حالمة، تعبر كنسمة هادئة من فتحات الرواشين، ما يجعل زوار موسم جدة 2022 يتوقفون ويرهفون أسماعهم لالتقاط الأرتام الموسيقية، حيث مزجت “جدة التاريخية” بين عراقة الماضي وأصالة الحاضر وتزيّنت لزوّار موسم جدة بتاريخ عريق يجمع بين الثقافة والفن والترفيه، ويعيد شريط الذاكرة للوراء عندما يتجول الزائر بين أروقتها الشعبية القديمة، لينتشي حنين الذكريات لذلك الزمن الجميل الذي كانت هذه المنطقة شاهدة عليه. وتتميز “جدة التاريخية” بمخزون ثقافي وتاريخي ومقومات سياحية فريدة، استثمرتها إدارة موسم جدة وسخرت كل الإمكانات لإبرازها والاستفادة منها في تقديم نموذج لموقع سياحي ذات قيمة تاريخية غنية، تجمع التراث والثقافة والتاريخ بالسياحة والترفيه، ليجد زوار الموسم أنفسهم أمام تنوع فريد في الخيارات وتعدد في المواقع. وتستقبل “جدة التاريخية” يومياً العديد من الزوار والسياح لاكتشاف ثراء هذه المنطقة وتاريخها والاستمتاع بقضاء أجمل الأوقات بين مبانيها العريقة وتذوق أكلاتها الشعبية المميزة والاطلاع على العروض والفنون التي تقدم هناك. ووثق أحد مباني المنطقة العريقة إحياء “الأوركسترا العمودية” بطريقة تحاكي العزف المنفرد في بناياتها من خلال إطلالة الشرفات، حيث يقوم مجموعة من العازفين بالعزف الأوركسترالي ليقدموا ألوانا موسيقية من الموروث السعودي والخليجي والعربي؛ تأسر الزوار بالأداء المنفرد ووصلات منوعة وعالمية.
وأبرز العمل الأوركسترالي معالم جدة التاريخية خصوصاً من “الرواشين” حيث تأتي جمالية العرض الموسيقي من خلال دمج الثقافات والحضارات وتأصيل هوية المنطقة التي تشع بالحياة وبالإثراء السياحي والحضاري. جذب “بيت المتبولي” بمنطقة جدة التاريخية زوار موسم جدة، بتاريخه الطويل وقصصه التي تحكي حقبة تاريخية عريقة تعود لما قبل 400 عام من الزمن، حيث يعد أقدم بيوت “جدة التاريخية”.
وعرّف الموسم زواره بتشييد البيت في المنطقة التاريخية بسوق العلوي داخل حارة اليمن من قبل الشيخ محمود المتبولي، وكان “البيت” يستقبل الحجاج لمدة شهر وتتكفل عائلة آل المتبولي كاملاً بالتكاليف لتوفير الراحة للحجاج من رحلتهم الشاقة.
كما كان أهل الحي يجتمعون في شهر رمضان وأيام العيد، في البيت الذي يشهد مظاهر طقوس تعكس تقاليد الجيل القديم؛ في حين جرى ترميم البيت للحفاظ على الإرث التاريخي الذي يحمله، وإعادته للواجهة الحضارية لمدينة جدة ومنطقتها التاريخية بعد ترميمه وتأثيثه. ويتميز البيت باستخدام الأخشاب المزخرفة في جدرانه وأسقفه من الداخل، مما يساعد على تحريك الهواء وتلطيف الجو من الحرارة، ويتكوّن البيت من الداخل من 4 أدوار ومدخلين مستقلين، ويطل المدخل الرئيس على السوق العلوي ويضم مقعدين برواشين تقليدية وأسقفا مرتفعة، أحدهما مخصص لجلسة الرجال وكبار بيت المتبولي، والآخر للشباب أسفل البيت، ويحتوي على اثنين من الصهاريج، كانا يستخدمان لتخزين مياه الأمطار الوفيرة في ذلك الوقت.