يشكل الابتعاث الدراسي إلى الخارج عنصرًا مهمًّا في رفع كفاءة رأس المال البشري للمملكة العربية السعودية وما يمثله هذا الأمر من ركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030. في الشهر الماضي، أطلق الأمير محمد بن سلمان (ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية) استراتيجيةَ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، لتأتي استكمالًا لما يحظى به التعليم في المملكة من رعاية ودعم مستمر، وما يجده أبناء وبنات المملكة من عناية كريمة لتحقيق طموحاتهم للالتحاق بأفضل الجامعات العالمية. صُممت هذه الاستراتيجية بعد دراسات مستفيضة وتحليل للكثير من برامج الابتعاث حول العالم لتصل إلى هدفٍ طَموحٍ بابتعاث 70 ألف مواطن ومواطنة في أفضل 200 مؤسسة تعليمية وتدريبية حول العالم.
هذه الاستراتيجية في تفعيلها تستلزم الخروجَ بمحتوى تنافسي يعكس طموحات وتطلعات القيادة الرشيدة لهذا البلد المعطاء. وهنا يأتي دور الملحقيات الثقافية في الخارج من أجل المساهمة بفاعلية في تحقيق استراتيجية البرنامج وخصوصًا في الهدف الثالث من أهدافها الاستراتيجية: تعزيز الشراكات مع المؤسسات التعليمية في دول الابتعاث. يشتمل هذا الهدف على الكثير من خطط العمل اللازمة لتحقيقه، وما تأكيدُ البرنامج على أهميته إلا للحاجة الشديدة إليه؛ وهو بلا شك عين الصواب. دور كبير يقع على عاتق الملحقيات الثقافية لتساهم بإيجابية في تحقيق هذا الهدف لما تمتلكه من صلاحيات وإمكانيات في هذا المضمار، وخصوصًا في تذليل جميع الصعوبات التي تواجه المبتعثين والمبتعثات في دول الابتعاث، وتنسيق جهود التواصل البنَّاء مع المؤسسات التعليمية والتدريبية، وإيصال رسالة البرنامج وأهدافه لهذه المؤسسات، وتمكينهم في أن يساهموا بفاعلية في تحقيق أهداف هذه الاستراتيجية بما يعود بالنفع على الوطن.
وهنا تجدر الإشارة الى ما قامت به الملحقية الثقافية في أستراليا من أدوار رائعة وجبارة تمثلت في لقاءات مع قيادات المؤسسات التعليمية والتدريبية في أستراليا لبحث سبل التعاون والأدوار المتاحة للجامعات الأسترالية في استراتيجية برنامج الابتعاث. هذا الدور التواصلي الاستباقي يحفز الجامعات الأسترالية لتقديم مساهمات وحلول وبرامج تتكامل مع البرامج التنفيذية لتحقيق أهداف الاستراتيجية بما يحقق طموح القيادة من هذا البرنامج بفاعلية وتميز.
دور المؤسسات التعليمية في دول الابتعاث أمر لا يمكن إغفاله، فالبرنامج صُمم للابتعاث في أفضل 200 مؤسسة تعليمية حول العالم. هذا العدد الكبير يتطلب تكريس الجهود التنسيقية بين الملحقيات والمؤسسات التعليمية بما يحقق أهداف البرنامج. وبناءُ قناة تواصلية مع قيادات هذه المؤسسات يُعَد من أفضل الطرق لتعزيز الشراكة وتفعيلها، فهذا أمر يعكس احترافية الفريق الإداري في الملحقية الثقافية في أستراليا وسباقها مع الزمن لتحقيق الأفضل.
من هنا فإنّ التنسيق بين الملحقيات الثقافية وتبادل الخبرات والمبادرات المميزة وتعميمها حول العالم أمر بالغ الأهمية في تحقيق استراتيجية الابتعاث بفاعلية وكفاءة؛ وهو ما تحرص عليه وزارة التعليم دومًا من خلال مسيرتها في إنتاج العقول المؤهلة ورفع مستوى المواءمة بين احتياجات سوق العمل والمجالات التعليمية.