البلاد ـ أحمد الأحمدي ـ مها العواوده
استطاعت المملكة العربية السعودية التعامل مع جائحة كورونا بجدارة من خلال أدوات عدة من أهمها التقنية الرقمية، حيث سخّرتها لمواجهة الجائحة، ولتخفيف تداعيات الأزمة الصحية العالمية، وكانت بلا شك إحدى أهم الأدوات الناجعة لمواجهة الأزمة على الصعيد الصحي، ما أدى إلى انخفاض مؤشرات الاصابة والوفيات وازدياد حالات التعافي يوتيرة سريعة ، وكانت وزارة الصحة منذ بدء انتشار الجائحة بدأت إلى الارتكاز على التقنية للتعامل مع الأزمة، واستطاعت عبر ” التطبيقات الرقمية تقديم خدمات إلكترونية واستشارية فورية بواسطة أطباء معتمدين من الوزارة، عبر المحادثات المرئية والصوتية والنصية بسهولة ويسر، وتقديم خدمة المواعيد والعيادات الافتراضية والإجازات المرضية.
وجاء التفوق السعودي في هذا الجانب مدعومًا بالبنية التحتية الرقمية، والتي قامت الدولة بتأسيسها على مدار أعوام سابقة، وهو ما أتاح لها إطلاق العديد من التطبيقات والبرامج التي ساعدت على تيسير حياة الناس.
كان من أهم أهداف رؤية 2030 وبرنامج التحول الرقمي أن تصبح حكومة المملكة “حكومة بلا ورق”، وعلى الرغم من أن ذلك يبدو سهلًا مع ما نعيشه من تقدم تكنولوجي، إلا أن الأمر لم يكن أبدًا بهذه السهولة، خاصة مع وجود مليارات المعلومات والبيانات التي تضمها مليارات الأوراق، والتي كان لا بد لها من عملية “رقمنة”، أي تحويل المعلومات من صيغة مادية “مثل الورق” إلى صيغة رقمية، ثم بعدها عملية “دجتلة” وذلك عن طريق استخدام التقنية لتحويل العمليات التشغيلية من تقليدية إلى رقمية، وبعدها يأتي “التحول الرقمي”، وهو يكون بالتحول الشامل في إعادة تصميم نماذج الأعمال إلى نماذج عصرية تُوظف البيانات والتطورات الرقمية، وهذا كله يحتاج إلى عدة سنوات من العمل المتواصل.
الدكتور وائل علي باجهموم استشاري الأمراض المعدية أستاذ كلينيكي مساعد بكلية الطب جامعة الملك عبد العزيز رئيس قسم الباطنة بمستشفى الملك فهد بجدة أكد أن أزمة كورونا عكست مدى تطور القطاع الصحي في المملكة ومن ضمن هذا التطور التطور الرقمي او استخدام التطبيقات الذكية في إتمام الطب الوقائي وطب الأزمات والذي انعكس بشكل كبير على القضاء على هذه الأزمة.
وتابع: بحمد الله خرجنا من هذه الأزمة بمكتسبات نعتز بها على أرض هذا الوطن المعطاء ونفتخر بها أمام الأمم وامام جميع دول العالم فلا يخفى على عاقل بأن تطوير هذه التطبيقات واستخدامها بشكل صحيح ساهم بشكل فاعل وبشكل مؤثر في تطوير طرق الدفاع والمحافظة على الإنسان وسلامته خلال فترة الأزمات “.
الوقاية والعلاج
واستطرد الدكتور وائل علي باجهموم إن الاستفادة من هذه التطبيقات ستستمر فيما بعد الأزمات بشكل يعكس مدى تطور الرعاية الصحية التقليدية أو حتى الصحية الرقمية التي تتبعها وزارة الصحة لتطوير طرق الوقاية والعلاج ورعاية المريض أو الإنسان قبل حتى أن يصاب بأي مرض. مؤكدا ان هذه التطبيقات سيكون لها شأن عظيم ومهم جدا في تطوير البنية الأساسية للرعاية الصحية بالمملكة.
لافتا إلى أن استخدام هذه التطبيقات قد خفف الكثير من عناء الوصول إلى المستشفيات وطلب الاستشارات الطبية بشكل سريع ومباشر دون تكبد عناء الخروج من المنزل والذهاب إلى المستشفى على سبيل المثال وصول الاستشارات الطبية بشكل سريع و تفاعل مباشر بين الطبيب وبين المريض أضف إلى ذلك سرعة الاستجابة وسهولة نقل المعلومات.
لافتا إلى أن “هذه التطبيقات ساهمت بشكل كبير حتى في فترة الأزمة وفي فترة تطبيق الاحترازات بما فيها التباعد الاجتماعي في تأدية العمل على اكمل وجه حتى بعدم الوصول إلى مقر العمل بنفس كفاءة نتائج عمل الحضور.
كما أوضح أهمية استمرار هذه التقنيات التي ستخلف شيء جيد ومفيد للوطن والمواطن .”أسأل الله أن يحمي وطننا الغالي .
البنية التحتية
الدكتور على سويعد القرني استاذ المناهج وتقنيات التعليم المشارك بكلية التربية بجامعة ام القرى قال : خلال جائحة كورونا عززت المملكة البنية التحتية التقنية مما ساهم في سير الحياة بصورتها الطبيعية، حيث قامت بتأسيس منصة مدرستي لضمان سير العملية التعليمية بشكل آمن للطلاب والمعلمين الذين يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع.
اضافة لذلك، هيأت المنصات التي تمكن الموظفين من العمل عن بعد في جو آمن دون تأخر في إنجاز المعاملات التي كانت سابقا تتطلب وجود الموظف في المكتب. كما أضافت خدمات الى منصة صحتي تعين المواطن والمقيم على الوصول لمعلومات عن حالته الصحية، كما أتاحت خدمة المستشفى الافتراضي الذي يمكن من خلال المنصة التواصل معه.. أما تطبيق توكلنا فقد كان التطبيق الأبرز الذي قدم خلال الجائحة بما فيه من خدمات كبيرة ساهمت في حفظ المجتمع كاملا من آثار الجائحة، منها على سبيل المثال توفير معلومات عن المصابين وربطهم بأماكن سكنهم، بالاضافة الى ربطه بكافة التطبيقات المختلفة كتطبيق اعتمرنا وصحتي ومدرستي ومنصة أبشر.
تجارب ناجحة
من جهته قال المهندس جمال بن عبد الله الهندي مدير عام الادارة العامة لتقنية المعلومات بوزارة الداخلية سابقا ومدير عام مركز المعلومات بأمانة العاصمة الاسبق لا شك ان تجربة مكافحة فيروس كورونا في المملكة من خلال استخدام التقنية؛ تُعد من أبرز التجارب الناجحة على المستويين الإقليمي والعالمي، حيث أسهمت بشكل فعال في تقليل مخاطر تسارع تفشي الفيروس والانتشار الوبائي . وبذلت الجهات المختلفة مثل الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الصناعي (سدايا) ووزارة الصحة وغيرها جهودا كبيرة من خلال تطوير التطبيقات المختلفة لادارة الازمة من خلال تطبيق توكلنا الذي كان له دور كبير في اصدار تصاريح التجول خلال فترة منع التجول ، بالاضافة الى تحديد النطاق الجغرافي للتجول ثم بتحديد الوضع الصحي للمواطن والمقيم ودوره في دخول المنشات المختلفة . كمان ان تطبيق صحتي كان له دور كبير في تحديد مواعيد الفحص ومتابعة الحالة الصحية للمصابين واعطاءهم التوجيهات اللازمة .
كذلك كان لبقية الجهات الحكومية والاخرى دور كبير في انحسار المرض من خلال تفعيل العمل عن بُعد باستخدام التطبيقات الرقمية التي ساهمت في الحصول على الخدمات المختلفة خلال فترة الحجر المنزلي.