قد نكون أثرياء أو مشاهير لكننا مدينون كبار؛ بعض الديون ليست بالضرورة التزاماً مالياً أو نقدياً بقدر ما هي ديون دقيقة للغاية يتم خصمها منذ لحظة ولادتنا وحتى الوفاة فهذه ديون يمكن أن تقدم متأخراتها خلال الحياة المليئة بالدارما كما أنه في كثير من الحالات لا نستطيع تسديدها قبل فوات الأوان.
ولنبدأ بدين الطفل الصغير الضعيف؛ في بداية رحلة الحياة يحتاج الطفل إلى الاهتمام والدعم طوال الوقت والرعاية كي ينشأ في بيئة سليمة تدعمه حتى الشيخوخة ليعيش حياة مليئة بالحب والمودة؛ لكنه عندما يكبر ويصبح أقوى ويتقدم الآباء في العمر ويصبحون ضعيفين جسدياً؛ يبدأ الدور ينعكس ليبدأ طفل الأمس ورجل اليوم في رعاية والديه لكن في كثير من الأحيان لا يسد الدين ويشعرون بأنه مضطرون إلى رعايتهم في سن الشيخوخة ليصل الأمر في النهاية لإهمال الآباء ولا يتم سداد الدين.
الإيمان بالله هو القوة التي تحافظ على الحياة تماماً كالماء والهواء والنار والأرض والأثير وكل ما هو صالح؛ إن الدين هو طاقات الحياة في هذا العالم ويتعين على جميع الناس أن يساهموا في سداد ذلك الدين من خلال الاستقامة الأخلاقية والشعور بالتمييز؛ فكل الإسهامات الإيجابية التي نقدمها للآخرين في هذا العالم تعني التخفيف من دين الآخرة الثقيل الذى يقودنا إلى طريق التنوير ويجعلنا نتأمل العيش بحياة حسب تعاليم الدين الحنيف وهى من الديون الثقيلة التي لا يمكن الإغفال عنها أبداً.
عند الولادة تكون الحياة طاهرة ومليئة بالبراءة ولكن بعد الطفولة عندما نكتسب المعرفة الدنيوية وقوة التفكير والمنطق والتلاعب بالعقل فإننا نتذبذب في وجهة النظر التي نشأنا عليها من خلال رصد تقلبات الحياة بحسب مصالحنا الشخصية وما يتوافق معنا؛ وهذا يشمل الرجال والنساء فبعض الديون التي نتحملها في الحياة قد لا يمكن تسديدها فالقدرة على الغفران والمسامحة بين البشر تتطلب قوة كبيرة للغفران وقد نقدم الإساءة للآخرين ويمر الوقت والعمر دون أن يسامحوا أو يغفروا لنا ونغادر الحياة متخاصمين وأصحاب دين لا يمكن سداده مهما قدمنا من اعتذارات أو مبادرات؛ كف الأذى والإساءات المتكررة والتفرقة والعنصرية والحط من قدرات الآخرين أو التقليل من شأنهم أو سرقة مجهوداتهم تنشئ ديونا لا ترى بالعين لكنها تدون في كتابنا؛ يمكن تعويض هذا الدين من خلال الطهارة الروحية مرة أخرى من خلال نعمة التعلم من الأخطاء وإصلاح الأمور حتى ولو كلفنا الأمر تقديم الاعتذار والاعتراف بحجم الضرر الذى وقع على الآخرين بسببنا.
Nevenabbass@
Nevenabbas88@gmail.com
