اجتماعية مقالات الكتاب

نظام التكاليف القضائية

في عام 1437هـ وإبان انسلاخ الدوائر الحقوقية عن المحاكم الجزائية وانضمامها إلى المحاكم العامة بحكم الاختصاص النوعي، وقفت على قضية بين شخصين ادعى أحدهما على الآخر بأن له في ذمته مبلغاً وقدره (69) ريالاً، وفي الحقيقة أني صعقت عند قراءة المبلغ، وظننت أن المدعي قد أخطأ في كتابة الرقم وأن الصحيح هو (6900) ريال أو حتى لو كان (690) ريالا فالأمر شبه مقبول، ولكن عندما سألته عن مطالبته لأتأكد قال أطلب من المدعى عليه مبلغا وقدره تسعة وستون ريالاً فقط، اطّلع القاضي على الدعوى بحضور أطرافها وعند سؤاله المدعى عليه عن صحة دعوى المدعي أجاب بأن مطالبته غير صحيحة وأنه ليس له شيء في ذمته،

رجع القاضي إلى سؤال المدعي عن بينته وعن سبب هذا المبلغ فأجاب المدعي بأن هذا المبلغ هو جزءٌ من ألف ريال أقرضها والده المتوفى للمدعى عليه ونصيبه بعد خصم أنصبة باقي الورثة مبلغا وقدره تسعة وستون ريالاً، وبعيداً عن طرافة النهاية لهذه القضية والتي كانت بتعاون موظفي الدائرة ودفع المبلغ للمدعي وانقضاء المطالبة إلا أننا أمام قضية ضمن من مجموعة كبيرة من القضايا التي تأخذ حيزاً في القضاء سواءً في مواعيد الجلسات أو مواعيد نظر القضية أو استهلاك وقت القاضي والدائرة القضائية أو في تنفيذ الحكم بعد صدوره،

ولذا كان لزاماً على الجهات التنظيمية وضع حدٍ لتدفق مثل هذه القضايا اليسيرة جداً وكذلك الكيدية التي لا تستند إلى أي إثبات وإنما رغبة من المدعي في الإضرار بالمدعى، وعليه فقد صدر نظام التكاليف القضائية الذي يعالج هذا النوع من القضايا، فوضع النظام مبالغ مالية يلتزم المكلف بدفعها إلى الإدارة المختصة للنظر في قضيته، على اختلاف الاختصاص النوعي للقضية، فقد نصت المادة الثانية على أن أحكام النظام تسري على جميع الدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحاكم ومنها الدعاوى الجزائية العامة والدعاوى التأديبية، وكذلك الدعاوى التي تختص بنظرها محكمة الأحوال الشخصية، والدعاوى التي يختص بها ديوان المظالم، والدعاوى المتعلقة بقسمة التركات، وكذلك الدعاوى الناشئة عن تطبيق أحكام نظام الإفلاس، بالإضافة إلى الإنهاءات وما يتعلق بها، وقد حُدّد موعد سريان هذا النظام بغرة شهر شعبان من عام 1443هـ، وبالتالي فإن أية قضية بعد هذا التاريخ يدفع المكلف للنظر فيها المبالغ المحددة في اللائحة التنفيذية للنظام، رغبة في تقليل العبء على المحاكم من القضايا اليسيرة والكيدية، وكذلك دفع الأفراد إلى اللجوء إلى الوسائل الأخرى لتحصيل الحق كالتحكيم والمصالحة وغيرها.

dralsaadlaw@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *