اجتماعية مقالات الكتاب

المعادلة الذكية

تحل الأزمات المالية بالمنظمات والشركات .. نتيجة الكوارث الطبيعية والجوائح والأحداث الإقتصادية وسرعان ما يعلو صوت الإدارات المالية بضرورة خفض النفقات .. وأول ضحايا هذا الإجراء هو وقف برامج التدريب والتسويق وحملات البيع والإعلان.
وفجأة وبعد مرور بعض الوقت .. تجد هذه المنشآت أن أوضاعها المالية في تدهور مستمر بسبب انخفاض الإيرادات الناتج عن ضعف النشاط التسويقي وأداء موظفي البيع وخدمات العملاء .. ويكون الثمن غاليا.
اليوم ونحن نواجه أزمات جائحة كورونا في تحوراتها وموجاتها المتتالية وتأثيراتها الاقتصادية السيئة على قطاع الأعمال ستجد الشركات والمنشآت نفسها على مفترق طريقين .. الحلول والإجراءات الذكية .. أو الأغلب أنها ستلجأ إلى الممارسات التقليدية التي ذكرناها في خفض النفقات دون وعي وإدراك.

إلا أن هناك شركات ومنشآت رائدة .. انتهجت سبلا وطرقا مغايرة للممارسات التقليدية .. فهذه مثلا شركة ماكدونالد تعلن عن استثمار مبلغ 200 مليون دولار أمريكي لدعم مطاعهما تسويقيا .. داخل امريكا وبعض فروعها العالمية في الصين وأوروبا .. وذلك بهدف إعادة جذب العملاء إليها بعد الإغلاق الذي استغرق شهورا طويلة .. وغيرها شركات اتبعت أساليب ذكية مغايرة .

ولكن يجب علينا أن نواجه الواقع في أن المنشآت أمامها مسؤليات وقرارات حاسمة لإعادة البناء الاقتصادي وأمامها خيارات متعددة .. إما إلغاء بعض ميزانيات البرامج .. أو خفض وتسريح أعداد من القوى العاملة أو تحجيم وتقليص الإنفاق علي تطوير البنية التحتية التكنولوجية .. وجميع تلك الإجراءات تشكل جزءا من تكلفة العمليات التسويقية والخدمية للمنشآت .. إلا أن التحدي الأكبر هو كيف يستطيع رؤساء الشركات والمدراء تحقيق أهداف التشغيل وفق معطيات اقتصادية ومنافسة شرسة .. دون المساس بقدرة شركاتهم على العودة إلى الأسواق .. ومواصلة التطور والتأقلم مع الأوضاع الجديدة .. إلى جانب تحقيق الأهداف والأرباح والنجاحات.

إنني أرى أن على المنشآت أن تلعب على الأبعاد الاستراتيجية التالية لإدارة المنشأة وهي:
**إعادة هيكلة نموذج العمل الذي ستنتهجه المنشأة .. عند العودة إلى النشاط والحراك بناءً على المعطيات الجديدة.
** وضع الإستراتيجيات والخطط التسويقية الفعالة للمنتج .. عبر وسائط التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائط التواصل مع العملاء.
** توظيف التكنولوجيا الرقمية والروبوتية والخدمات الذاتية .. والتي بالضرورة ستتطلب إعادة تأهيل شريحة كبيرة من الموظفين .. على رأس العمل .. بالمهارات التكنولوجية الجديدة .. كالبرمجة والصيانة والتشغيل.
** وأخيرا وضع سياسات واضحة ورحيمة للتخلص من العمالة الفائضة بعد استنفاد كافة السبل في إبقائهم في المنشأة .. شريطة أن يتم التفاوض معهم على حزمة من الإجراءات والبدلات والتعويضات العادلة .. والتي تراعي أوضاع العاملين المالية والاجتماعية والنفسية.
المديرون الأفذاذ هم من يصنعون .. المعادلة الذكية .. بين تحقيق أهداف خفض النفقات لمنشآتهم .. وبين تخفيف المصاعب والآثار السلبية التي ستحل بالبشر جراء الاستغناء عن خدماتهم .. وخصوصا عندما يكون سوق العمل فقيرا وظيفيا .. وأقصد ندرة الفرص الوظيفية والتوظيف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *