متابعات

«التمويل والإقراض».. فخ لاصطياد السيدات

جدة – رانيا الوجيه

وجدت الكثير من السيدات أنفسهن ضحايا لتلاعب بعض شركات التمويل والاقراض، بعدما وقعن في فخ توفير الموارد المالية مقابل التوقيع على أوراق يدعي أصحابها أنها شكلية، لكنها تعد وثيقة معتمدة تجر الموقعين عليها للسجن في ظل تراكم فوائد لا طاقة لأحد بها.
المواطنة أم عبدالرحمن البالغة من العمر 54 عاما اضطرت للحصول على قرض لشراء عربة طعام متنقلة للعمل عليها، وقدمت نسخة من الأوراق الثبوتية وفقا للتعليمات والإشتراطات التي طلبتها شركة التمويل، ووقعت على سندات، لكنها لم تحصل على صورة من أية ورقة تم التوقيع عليها جهلا منها بحيثيات القانون، لتجد نفسها مكبلة بقيمة فوائد متزايدة ومبالغ متراكمة، مطلوب منها سدادها، دون مقدرة على حق المقاضاة. محلل اقتصادي:


البيوع باطلة ولو ارتدت ثوب البيع والشراء

أكد المحلل الاقتصادي حسام الشنبري، انتفاء صحة معاملات البيوع بشقيها التجاري والقانوني لمثل هذه القضايا التجارية التي تأتي ضمن البيع والشراء الصوري وبأسعار فائدة تصل إلى الضعف.
وشدد على أن تصوير مشروعية مثل تلك البيوع بأوراق ومستندات رسمية لا ينفي بطلانها ومخالفتها للأنظمة والقوانين، والتي يأتي في مقدمتها الحصول على ترخيص مزاولة خدمات ومنتجات تمويلية من البنك المركزي، والذي تعد تداخلاته حازمة جدا، لحماية الاقتصاد من خلال سن قوانين وتشريعات وتنظيمات في منع التمويل خارج المصرف بشكل غير قانوني وغير مرخص.

وأوضح أن البنك المركزي هو المتحكم في صلب اقتصاد أية دولة، من خلال النقود وأسعار الفائدة، أي تدخل خارج هذا الاطار يؤدي الى ضعف اثر السياسات النقدية للبنك داخل اقتصاد البلد كمعالجة التضخم أو تعزيز النمو، بل تتمد اثار ذلك الى أمور قانونية واجتماعية تكبد البلد كثيراً من الخسائر.

ولم تكن صالحة حوباني أفضل حالا من أم عبدالرحمن، فقد تعرضت لحيلة ماكرة، بعدما ذهبت للحصول على قرض بمبلغ 100 الف ريال سعودي لشراء سيارة، ولم تظن في البداية أن الاغراءات التي تم عرضها عليها مجرد (سحب أقدام) للتوقيع على أوراق القرض، ثم تجد نفسها ضحية لفوائد، وليس هناك أي مسار للقرض الحسن.
تتكدس الكثير من القضايا في المحاكم، منها قضية سيدة اقترضت مبلغا ماليا من إحدى الشركات، ليتم أخذ فوائد منها وفق مبايعة صورية لم يتم فيها حصول السيدة على أية بضاعة حسب العقد المبرم بين الطرفين.
وطالبت الشركة السيدة بسداد ضعف أساس الدين كأقساط وليس بنسب معقولة كالبنوك، الأمر الذي عجزت معه السيدة عن السداد، لكنها لجأت للمحكمة التجارية بشكوى ليصدر الحكم منصفا لها باستعادة الفوائد التي تم سدادها دون وجه حق، كون البيع تم على غير أساس صحيح، كما تم إسقاط المبالغ الزائدة عن أصل الدين والتي تم تنفيذها على هذه السيدة.


وترى المستشارة القانونية المحامية نجود عداوي أن هذا الحكم منصف جدا بحق السيدة وضد الشركات التي تتحايل على العملاء، وترغمهم على التوقيع على مستندات ولا يتم تزويد العميل المقترض بهذه السندات لأمر، لضمان هذه المبالغ في ذمة هذا المقترض واستغلال حاجته وكذلك يتم التوقيع على شيكات لضمان مبالغ مستحقة.
وأوضحت المحامية نجود عداوي أن حكم المحكمة التجارية بجدة قضى بفسخ عقد مع شركة قدمت تمويلا للمستفيدة لكن بشكل صوري كما هو ثابت في منطوق الحكم ، لأن العلاقة التعاقدية هي إقراض بفائدة وليست تورقا حقيقيا والذي يقوم على شراء حقيقي لسلعة بثمن آجل تدخل في ملك المشتري ويقبضها قبضا حقيقيا تقع في ضمانه ثم يقوم ببيعها هو بثمنٍ حال حاجته اليه، والفرق بين الثمنين الآجل والحالي لا يدخل في ملك المصرف الذي طرأ على المعاملة لغرض تسويغ الحصول على زيادة لما قدم من تمويل لهذا الشخص بمعاملات صورية في معظمها وقد اوصى مجلس المجمع الفقهي جميع المصارف بتجنب هذه المعاملات.


محامي: العقوبات تلاحق المتحايلين

أكد المحامي سليمان حلواني أن الدولة حاصرت في السنوات الأخيرة هذه الكيانات الوهمية التي تستغل حاجة الناس دون مراعاة اي تشريع او تنظيم، مشيرا إلى أنه يحق للنيابة العامة التحقيق مع الشركات المتحايلة وتوجيه تهمة التحايل والاستغلال ومخالفة الانظمة وتحال للمحكمة المختصة لتغريمها ماليا ومعاقبة القائمين عليها.
وأوضح أنه لا يخفى على الجميع الإجراءات التي قامت بها محاكم التنفيذ نتيجة توجيهات وزارة العدل بتعليق الطلبات التنفيذية للأشخاص الذين يشتبه بمخالفتهم لنشاط التمويل ووضعهم تحت قائمة تسمى (تحت الفحص) حيث أن هذه الجهات والقطاعات المخالفة قد تسببت في ضياع أسر وتفككها بسجن وايقاف رب الأسرة لعدم سداده المبالغ المضاعفة وقد وصلت في بعض الاحيان أن يتم سداد ثلاثة اضعاف ما تم اقتراضه من تلك الجهات سواء كانت كيانات تجارية تمارس من الباطن نشاط التمويل أو افراد.
وأشار حلواني إلى أن كل الإجراءات المتخذة والمعمول بها مؤخرا والتي أقرتها الدولة تصب في مصلحة المواطن وتحميه من المتحايلين والمتلاعبين بالقانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *