اجتماعية مقالات الكتاب

فلسفة العناد

من الصعوبة تغيير رأي شخص يتشبث برأيه لمجرد الانتصار له لأن هذا النوع من الاشخاص يمتلك عقلية متحجرة غير قابلة للتغيير حتى ولو كان على نحوٍ أعمى يفتقر للكثير من المنطق والحكمة والعقل.. لقد اصبحت فلسفة العناد هي المقياس للشعور بالانتصار والقوة في ظل الوضع الراهن الذي فتح المجال للجميع لكي يدلي بدلوه، فخرجت جملة من الخلافات القائمة على العناد والتمسك بالرأي .. الأمر امتد حتى وصل للمنازل، فبين الرجل وزوجته نجد إسرافا في ثقافة العناد لمجرد إثبات أنه المتحكم أو المتحكمة في المنزل ..

والعناد بين الزوجين أسرع طريقة يمكن أن تهدم البيت في وقت قياسي، ونجاح الحياة الزوجية لا يتم سوى بالحكمة والود واللين والتحلي بقدر من التفاهم وتجاوز الهفوات وعدم الوقوف على الزلات أو تصيد الأخطاء، والجميع يدرك عواقب العناد لكن لا أحد يستطيع التخلي عنه على أرض الواقع ليصبح تراكمات صغيرة مستمرة تولد مشكلة ضخمة قائمة على سبب بسيط .. العناد يدل على عدم قدرة الشخص على التكيف مع الآخرين وفي بعض الحالات يكون مؤشراً على ضعف الشخصية الذي تختبئ خلفه شخصية هشة حاول إظهار قوتها .. والعناد ليس أسلوباً ناجحاً خاصة إذا كان التخلي عنه سيظهر ضعف رأي الرجل أمام أسرته أو زوجته، فالغالبية يترسخ لديهم أن الحياة الزوجية صراع يجب إثبات أنه الأقوى والأجدر بتولي زمام المبادرة فيه بالرغم من أن الحياة الزوجية ميثاق غليظ يجب أن تضعف أمامه كل الصغائر التي يمكن أن تهدم جدار الود والمحبة فيما بينهم، ومن المعروف أن الرجل يكره الرفض فكيف بزوجته التي سترفض رأيه وتظهر ضعفه، وهنا يتولد إحساس بالإهانة ينتج عنه العناد والتشبث بالرأي للانتصار لكرامته حتى وإن كان مخطئا حتى لا تهتز صورته لأنه تعود على تولي زمام الأمور دون نقاش، هناك فئة من النساء يتمسكن بالعناد لدرجة المرض، وهذا النوع أصعب أنواع النساء التي يمكن التعامل معها لأنه يرجع لمراحل حياتها الأولى التي تعودت فيها على تلبية كافة مطالبها مستغلة سيف العناد.

العناد يولد التسلط والتسلط يولد القسوة والبغض والتنافر، يليه عدم الاحترام والتقدير للمحيطين ثم الابتعاد بالنهاية، لأن العناد خرج من صورة الرفض للرأي الآخر ليصبح قراراً وجب نفاذه على حساب أي شيء آخر، وعلى كل شخص معرفة أن التشبث بالرأي مرض يجب التغلب عليه بالاستماع للطرف الاخر وتقدير الآراء المخالفة حتى وإن لم نكن سنعمل بها، خاصة الزوجين الذي يجب على كل طرف منهم التمسك بأدب الحوار وترك الجدال والأمور الصغيرة والمواقف السلبية جانباً خاصة عند الدخول في نقاش عن طريقة تربية الأطفال أو الأمور المتعلقة بالمنزل والنفقات، مع مراعاة إبعاد الأطفال عن دائرة الخلاف الناتج عن العناد لأن هناك الكثير من الآباء والأمهات يستغلون الأطفال للانتصار لموقفهم.
Nevenabbas88@gmail.com
NevenAbbass@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *