اجتماعية مقالات الكتاب

لا تربكوا هؤلاء المرضى

بين حين وآخر يظهر هناك أشخاص في مقاطع تتداول عبر الواتس بأنهم تمكنوا أخيرًا من اكتشاف علاج نهائي لداء السكري عبر خلطات عشبية تنهي معاناة المرضى من أخذ الانسولين أو حبوب الأدوية نهائياً.

والواقع المؤلم أن هؤلاء ليسوا أطباء أو لهم أية علاقة بالطب القائم على البراهين، بل يدّعون الطب بأن خلطاتهم وتركيباتهم حققت نجاحات مبهرة مع تجارب المرضى واستطاعوا التخلص من الانسولين والأدوية.

للأسف هؤلاء- رغم أنهم لا يمثلون ظاهرة – إلا أنهم نماذج مرعبة ومخيفة لأنها تربك مرضى السكري وتجعلهم يبتعدون عن طب البراهين ويدخلون في دوامة التجارب الوهمية وفي الأخير عندما لا يجد المريض أية فائدة يعود لطبيبه في حالة أسوأ مما كان عليه.

والسؤال الذي أقف أمامه: أين يكمن الخلل؟ هل في وعي المريض الذي يصدق هذه التفاهات ويخوض تجاربها؟ أم في غياب الرقابة على هذه الفئة التي تتشجع بين فترة وأخرى وتظهر في وسائل التواصل الاجتماعي عبر المقاطع – وقد يمثل بعض أفرادها من دول أخرى- وبالتالي يكونون بعيداً عن الأنظار ويصعب اللحاق بهم من قبل الجهات المختصة.

ما دعاني إلى كتابة هذه المقالة هو قصة مريض سكري سرد معاناته مع الأعشاب وكيف أنه وقع في فخ تجارب “اليوتيوب ” إذ يقول : أنا مصاب بالسكري وعلاجي بالأنسولين ، ولكنني عندما رأيت واستمعت لأحدهم بأن تركيبة عشبية أسهمت في تخفيف معاناة أحد أقاربه فدعاني الفضول إلى تجربة الخلطة السرية للأعشاب فأحضرت كل ما أشار اليه وليتني لم أفعل ، ولا أخفي أن قلت إنه مع استخدام التركيبة وعدم الانتظام في استخدام الانسولين انخفض السكر وأصبح في معدلاته المطلوبة يوميًا بسبب تلك الأعشاب ، وبعد مرور شهرين فقط تعبت وبدأ وزني ينخفض جداً ، وبعد الكشف اتضح أنني أصبت في الكبد بسبب تلك الأعشاب ، وتم انقاذي – ولله الحمد- وعدت مجددًا للأنسولين بانتظام مع الإقرار النفسي بعدم الخوض في أي تجارب تهدد صحتي ، فأرجوكم لا تصدقوا هؤلاء.

وللبروفيسور عبدالمعين الأغا استاذ واستشاري الغدد الصماء والسكري في جامعة الملك عبدالعزيز جهود جبارة في مجال مواجهة هؤلاء وتوعية مرضى السكري وخصوصًا الأطفال المصابين به وحثهم على عدم خوض أي تجارب لمدعي الطب ، فمنذ سنوات وهو يبذل جهودًا كبيرة وملموسه من خلال قسم الأطفال بجامعة المؤسس مع فريقه الطبي من طلبة وطالبات الطب في مكافحة الأمراض التي تداهم الأطفال ومنها داء السكري المكتسب والناتج عن السمنة وغيرها من الأمراض ، وقد أثرى جانب توعية مرضى السكري كثيرًا وسبق له أن حذر عبر كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي من تلك الفئة التي تهدف إلى جذب الضحايا لعدة أهداف منها ما هو مادي ومنها لاكتساب الشهرة عبر اليوتيوب، مؤكدًا أنه إلى الآن لا يوجد أي علاج للسكري سوى الانسولين والحبوب فقط ، حتى زراعة الخلايا الجذعية باتت موضع ورهن الدراسات والأبحاث.

أعود مجددًا لمرضى السكري وأهمس لهم، إياكم وخلطات وتجارب الأعشاب، فليس هناك من يهتم بصحتكم أكثر من الطبيب المعالج، وأي خروج عن طب البراهين يعني الدخول في متاهات- لا يحمد عقباها – ، فداء السكري هو المرض الوحيد الذي تؤثر مضاعفاته على كل أجزاء الجسم ، والمجازفة بالخروج عن علاجه الصحيح يعني مواجهة مراحل صعبة من المضاعفات.

وأخيرًا.. اؤكد لجميع المرضى سواء مصابين بداء الحلو أو بغيره، بأن صحتكم أمانة فحافظوا على هذه الأمانة كما ينبغي، فلا شأن يعلو الهم الإنساني، فتجنبوا الخوض في أي تجارب تؤثر على صحتكم وتهدد حياتكم، وهو القائل في محكم التنزيل ” ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة”.
وسلامة صحتكم
shahm303@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *