متابعات

التزام سعودي صلب وحازم باستئصال الفساد

إعداد – مها العواودة، عادل بابكير

لم تدع المملكة فرصة لانتشار الفساد واستشرائه، وبادرت بإيقاع أقسى العقوبات على المتورطين فيه؛ مهما كانت مناصبهم، ما ساعد في القضاء على هذه الآفة تماما في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – فمنذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم بدأت حملة لمحاسبة المتورطين في قضايا مضرة باقتصاد المملكة، بينما كان سمو ولي العهد، اليد اليمني التي اجتثت الفساد من جذوره، متعهدا بأنه «لن ينجو أي شخص تورط في قضية فساد أيا كان، ولن ينجو متورط وزيرا كان أو أميرا»، وبالفعل طبقت المقولة بحذافيرها لأجل مجتمع معافى من الفساد. ومع حلول الذكرى السادسة للبيعة، يسترجع الجميع جهود المملكة في محاربة الفساد وردع المفسدين، إذ ظهرت نتائج حملة مكافحة الفساد واضحة للجميع، حيث بلغ مجموع متحصلات تسويات مكافحة الفساد 247 مليار ريال في السنوات الثلاث الماضية، بما يمثل 20% من إجمالي الإيرادات غير النفطية، بالإضافة إلى أصول أخرى بعشرات المليارات تم نقلها لوزارة المالية، وستسجل في الإيرادات، عندما يتم تسييلها، بما فيها من عقارات وأسهم. وقد قال المحلل العسكري اللواء عبد الله غانم القحطاني:

إن الحرب على الفساد ليست سهلة، وأن إقدام المملكة على هذه الخطوة جاء انطلاقا من توفر جميع الإمكانات والمقومات؛ أبرزها الإرادة القوية من القيادة العليا الحكيمة لملاحقة المفسدين وكشف الأرقام بكل شفافية، مشيرا إلى أن المكتسبات التي حققتها المملكة بفعل مكافحة الفساد كثيرة ومهمة، حيث سجلت السعودية في غضون أربع سنوات قفزات عالية في الاقتصاد والتعليم والتنمية، فضلا عن التغلب على جائحة كورونا محققة نجاحا فريدا في ذلك، ولم تكن تقدر على تحقيقها لولا قوة اقتصادها ومحاربتها للفساد. وأكد القحطاني، أن مكافحة الفساد وتحقيق العدالة تعتبر دعوة صريحة للمستثمر الأجنبي؛ كون الفساد بيئة طاردة لا يمكن العمل معها فالمشاريع لن تنجح بالتأكيد، مبينا أن الحرب على الفساد وضرب مصادره ومحاربة الفاسدين في المملكة أصبح أنموذجا عالميا. وأضاف “أصبح المواطن السعودي على ثقة أن لا مكان للفاسدين – موظفين أو مسؤولين- حيث سيتم ملاحقتهم للقضاء على الفساد كما على الإرهاب، والمملكة نجحت في حربها على الفساد ولا غرابة في هذا النجاح من قبل قيادة حكيمة حاصرت الفاسدين، من أجل وطن آمن مستقر ومزدهر”.

حفاظ على موارد الدولة
قطع مدير عام الإدارة العامة للأمن الجنائي السابق بدولة الإمارات العربية المتحدة العميد حسن إبراهيم العيسى النعيمي، بأن قيادة المملكة أيقنت أن تسرب وضياع موارد البلاد بسبب الفساد وإهدار أموال الدولة يقف عائقا أمام تنفيذ الإستراتيجيات التنموية والمشاريع الطموحة ويصيب الدولة بالعجز ومخططاتها بالشلل خاصةً وأننا نمر بأزمة اقتصادية عالمية، ضاعفت منها وعمقتها جائحة كورونا الأمر الذي يتطلب الحفاظ على موارد الدولة وتوجيهها بعناية لإحداث تلك النقلة المطلوبة دون إبطاء أو انتظار حتى تنتهي تلك الأزمة الاقتصادية، لذلك جاءت حملة مكافحة الفساد في وقتها المناسب تماما وجُندت لها أجهزة الدولة وكوادرها المخلصة، خاصة وأن المملكة تعيش حاليا انفتاحا غير مسبوق على كل شيء، ما أوجد حراكاً ثقافياً وسياسياً غير معهود في المجتمع السعودي ومشاركات مميزة وتأثيراً لأبناء المملكة في مختلف المجالات، ويقف خلف كل ذلك فكر جديد متطور وقيادة واعية ومدركة لمعطيات العصر الحالي ومتطلبات اللحظة، التي نعيشها اليوم، وطموح يعانق عنان السماء ورغبةً جامحة لنقل المملكة من وضع إلى وضع آخر تماماً يتناسب مع مكانتها وإمكانياتها وثقلها الخليجي والعربي والإسلامي والدولي لتلعب دوراً سياسياً واقتصادياً أكبر على جميع المستويات.

ويرى النعيمي أنه من الضروري إتمام التحول وتحقيق طموحات القيادة والشعب السعودي في أن تحتل المملكة المكانة المرموقة التي تستحقها وأن تتضافر جهود الجميع لتحقيق تلك الأهداف، وأن يلتف أبناء المملكة شيبةً وشباناً ونساءً ورجالاً، حول قيادتهم والإسهام بفعالية في إحداث تلك النقلة المطلوبة وفي الفترة الزمنية المحددة لها، وعدم إضاعة هذه الفرصة الذهبية المؤاتية لتمكين المملكة من الإسهام في تحقيق الأمن والسلم والتنمية في المنطقة والعالم.

مسار صحيح لتحقيق الأهداف
أكد مدير المنتدى الاقليمي للاستشارات والدراسات العميد الركن خالد حمادة، أن المقاربة العلمية عالية المستوى والمسؤولية التي التزمت بها المملكة بخصوص مكافحة الفساد تجعلها تسير في مسار صحيح ومتسارع لتحقيق الأهداف من هذه الحملة، وهذا التغيير البنيوي الذي أقدمت عليه. ولفت إلى أن من أهم عوامل ومقومات نجاح المملكة في مكافحة الفساد هي تقديم استراتيجية وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، وأن تحديد أوجه الفساد على اختلافها الرشوة والمتاجرة بالنفوذ والإثراء غير المشروع والاختلاس والتلاعب بالمال العام وغسيل الأموال وغيره تبدو موجهة ضد العاملين في القطاع العام، ما يجعل المواطن يثق بها، كما أنها تقارب المسألة من خلال بيانات ورصد معلومات ومشاركة الإدارات العامة وهيئات المجتمع المدني والهيئات والنقابات القطاعية بعملية الرقابة، وهو شيء لافت، ومراقبة ما توصلت له الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وإدراجها نحو 123 قضية جنائية أمام القضاء من بينها قضايا تناولت قضاة وضباطا وشركات متعاقدة، ما يؤكد أن مسيرة التنمية شاملة في ضوء رؤية 2030. وأشار حمادة إلى أن المسار الذي اعتمدته المملكة في مكافحة الفساد وإشراك المواطنين وهيئات المجتمع المدني والإعلام وإدخال التعليم في هذه الحملة يكرس عدة مفاهيم؛ أولها سيادة القانون وأن الجميع تحت الرقابة ما يعني المساواة بين المواطنين وتعزيز الشفافية وتكافؤ الفرص بين المواطنين، مبينا أن إدخال هذه المفردات للمناهج التعليمية يؤكد أن المملكة بصدد بناء مواطن شفاف يعرف حقوقه وواجباته، وهذا يعزز علاقة المواطن بالدولة ومفهوم المصلحة العامة لدى المواطنين ودور المجتمع المدني، لافتا إلى أن هذه الاستراتيجية منحت الأسرة دورا في مكافحة الفساد وإعداد الأجيال، ما يؤكد وجود رؤية شاملة لم تهمل أي مكون من مكونات المجتمع السعودي.

يد العدل تطال الفاسدين
اعتبر المحلل السياسي مبارك آل عاتي، أن تمكن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد من ضبط قضايا فساد في فترات وجيزة ومتتابعة، أثبت التزاماً صلباً من الدولة في استمرار الحرب على الفساد والمفسدين في كل مكان وزمان، وأن تقادم القضية لايسقطها من المتابعة والمحاسبة، مشيرا إلى أن النجاحات التي تسجلها نزاهة في تطبيق النظام جاءت إحقاقا لمسؤولية الواجب المناط بها، مؤكدة أن يد العدل القوية ستطال كل الفاسدين والمفسدين؛ كبيرهم وصغيرهم.
ونوه إلى أن الحرب على الفساد أصبحت برنامجا وطنيا راسخا لا مناص منه، ولا تهاون في تنفيذه، فهو عمل توجبه الأنظمة المرعية والصرامة في تطبيق العدالة ودليل دامغ على أن الحرب على الفساد والفاسدين مهما كانت مواقعهم لن تتوقف، وكل من تورط سوف يحاسب مهما تقادمت قضيته. ويرى أن السعودية التي أصبحت من أهم الدول المستقطبة للاستثمارات العالمية، تريد التأكيد للمستثمرين بأن أموالهم ستكون محمية بعيون العدل الحازمة.

رسالة اطمئنان للداخل والخارج
قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء محمد القبيان: إن محاربة الفساد في المملكة تبعث رسالة اطمئنان للداخل والخارج وفيها ضمان لحقوق المواطن والمقيم ودول الجوار التي تطمح في الاستثمار، وتأكيد واضح على وجود جهات مسؤولة تهتم بحقوقهم، ولها آثار إيجابية كبيرة على المواطن وشعوره بالارتياح لوجود من يراقب الفاسدين. وأشار إلى أنها رسالة قوية لمحاربة الفاسدين في القطاع الخاص والعام ورسالة اطمئنان للبنوك الدولية، ولكل من يريد أن يستثمر في المملكة خاصة أن السعودية في طريقها لتحقيق أهداف ضخمة تخدم الوطن والمواطن، مبينا أن الفساد آفة عالمية سببت الكثير من المشاكل الأمنية في دول عدة أعلنت إفلاسها وتدهورت أوضاعها. وأضاف “حملة المملكة لمحاربة الفساد التي يلمسها المواطن، تعمل على تحقيق العدالة والحفاظ على مكتسبات الوطن”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *