الدولية

تحالف “حزب الله” و”تيار عون” في مهب الريح

البلاد – مها العواودة

يبدو أن تصريحات سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا حول العقوبات الأمريكية، التي فرضت مؤخرًا على رئيس التيار الوطني الحر، الوزير السابق جبران باسيل؛ بسبب فساده وتورطه مع “حزب الله” الإرهابي، دق إسفينًا بين التيار الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون، و”حزب الله” من جهة، وبين باسيل وأعضاء التيار الذي يترأسه من جهة أخرى، حيث بات شخصية غير مرغوب فيها، والحذر منها واجب حتى من أبناء التيار الذي بدأ عدد منهم التفكير في الخروج منه؛ للنجاة من العقوبات الأمريكية، التي قد تطالهم حال البقاء.

وأكد مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات العميد الركن خالد حمادة، أن جبران باسيل حاول رفع أسهمه لدى “حزب الله” بالقول: إن هذه العقوبات جاءت لأنه رفض فك ارتباطه بالحزب، وحاول أن استخدام ذلك في زيادة شعبيته، غير أنه فشل في ذلك؛ لأن وجدان أعضاء تياره ليس مع “حزب الله”، فضلا عن وجود شخصيات كثيرة في تكتل لبنان الذي يترأسه باسيل تفكر بترك التكتل؛ لأنه سيجلب لها المشاكل مع الإدارة الأمريكية، وربما يعرضها للعقوبات والرقابة المصرفية.

ويرى حمادة عدم وجود رغبة لدى “حزب الله” ورئيس الجمهورية بتسهيل مهمة سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة؛ حيث يواصل البلد الانهيار، ولا يزال التشبث ببعض الحقائب قائمًا في ظل محاصصة طائفية واضحة من قبل عصابة سياسية دمرت لبنان، مبينًا أن الحكومة غير قابلة للتشكيل في الظروف الحالية، ولن تشكل إلا في حال مورس ضغط دولي على حزب الله وميشال عون، أو من خلال ضربة عسكرية لبنية حزب الله التحتية ما يجعله يستجيب للمفاوضات، أو من خلال التضييق الاقتصادي الذي سيدفع الشارع من جديد للانتفاض في وجه الطبقة الحاكمة، مؤكداً أن لبنان يسير إلى مزيد من التفكك السياسي والانهيار الاقتصادي.

وقال المحلل السياسي براء هرموش: إن أداء جبران باسيل السياسي في الفترة المنصرمة يترنح بين اتفاق “مار مخايل” مع حزب الله وعدم الاصطدام بالإدارة الأمريكية، وأن قيام باسيل بمحاولة كسب ود الطرفيين جعلته خالي الوفاض، فالإدارة الأمريكية وضعته على لائحة العقوبات، وحزب الله وجد فيه حليفا مهزوز الثقة والصورة، مؤكدًا أن هذا المشهد المعقد يضع حلم باسيل في رئاسة الجمهورية في مهب الريح.
وعلى خط تشكيل الحكومة، يرى هرموش أن انتصار جو بايدن بالانتخابات الأمريكية يدفع إيران إلى الإيعاز لكل أذرعها السياسية في المنطقة بالانتظار؛ حتى إرساء تفاهم اتفاق نووي جديد، مما ينعكس تعطيلًا على تشكيل الحكومة في لبنان.

ولفت الاستشاري والمحاضر في كلية باريس للأعمال والدراسات العليا محي الدين الشحيمي، إلى أن العقوبات الأمريكية على بعض الوجوه السياسية القيادية أو الوزارية تشكل التطبيق العملي والفعلي للاعتراض على مسار طويل من النشاط السياسي وسلوكياته غير المنطقية، منوها إلى أن العقوبات على باسيل جزء من هذه التعابير والاعتراضات، ولا شك هي ضربة كبيرة للعهد الذي بات يتلقى الضربات من الخارج، مشيرا إلى أن القانون الذي صدرت على أساسه العقوبات (ماغنيتسكي) ديمقراطي في الأصل، لذلك يمكن أن تكون هناك عقوبات أخرى على أشخاص آخرين من حزب الله وحلفائه.

وأوضح الشحيمي، أن الخلاف بين باسيل وحزب الله برز للعلن في الكثير من المحطات وفي أكثر من منعطف، وانعكاساته سوف تبدأ بالتبلور رويدا رويدا، كما سينعكس على الوضع الحكومي المعطل بشهوات الجشع السياسي المحلي، والذي لا شك سوف يؤثر بشكل دامغ على مسيرة الدولة اللبنانية، بما ينذر بكوارث مستقبلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *