اجتماعية مقالات الكتاب

الشك والغيرة

الغيرة مطلوبة، لكنها حين تتحول لشك مرضي، تُحيل الحياة لجحيم يتنافر معه الود والحب بين الزوجين، ولعل أبرز المشادات والمشاجرات، وحتى الجرائم التي وقعت، كان دافعها الأساسي هو الشك، بذور الشك حين تلمحها المرأة في شخصية الرجل مع نشوة البدايات، تعتبرها أمرًا محمودًا أو دليلًا على الحب، لكنها مع مرور الوقت تختنق من كثرة الشكوك التي تدفع الرجل لارتكاب حماقات بسبب بناء افتراضات وهمية، لا أساس لها، والعيش داخل دوامة من الأحداث غير الحقيقية، يصحبها استجوابات، وحالة دفاع دائم عن النفس، تعيشه المرأة طوال الوقت مع الرجل، ويصل بهم في النهاية؛ إما للانفصال، أو الاعتداء، أو حتى القتل.

الشك ينتج؛ إما عن فعل أو شخصية، ففي الحالة الأولى ينتج عن أفعال هستيرية لزوجة غير مسؤولة، تبالغ في استحسانها بالإعجاب والمديح الذي تتلقاه من الآخرين، وهو ما يشعل نيران الغيرة لدى زوجها، فيقرر الانتقام منها، وصب جام غضبه عليها؛ لأنها وصلت به إلى مرحلة من الشك المريب بسبب تصرفات غير مدروسة العواقب حتى، وإن كانت بغير قصد، كالمرأة التي تتحدث بشكل دائم عن صفات تحبها برجال آخرين أمام زوجها، أو التي تقوم بسرد تفاصيل علاقاتها السابقة مع خطيبها أو زوجها السابق للرجل، ما يدفعه للشك بكل تصرفاتها وربط دائم للأحداث، ومن ثم تتأجج مشاعر الغضب والغيرة لديه فيقرر في لحظة تدمير حياتها بدافع الانتقام، أما في الحالة الثانية فالشك ينتج عن شخصية غير سوية مريضة بالشك، وينتج ذلك دائماً بسبب تراكم سلوكيات خاطئة لدى الرجل منذ النشأة وطريقة التربية والأحداث، التي ترتب عليها إحساسه بذلك، فينتج عنه رجل» شكاك» لا يستطيع الثقة بنفسه مع شعور دائم بالدونية تجاه زوجته التي يشك في كل أفعالها، لأنه سمح لتخيلات سوداوية أن تفسد كل ما هو جميل في حياته، ودائماً ما يأخذ من المواقف الجانب السلبي؛ لأنه مريض بالشك الذي يجعله طوال الوقت في حالة توقع للأسوأ.

الشك بطبيعته مؤلم ومؤذٍ للطرفين، لأنه مبني على تكهنات وتزييف لحقائق وافتراضات، اعتمدت فقط على صوت القلب دون أي دليل ملموس، ولكي يتم السيطرة عليه في حال أراد الرجل التخلص منه حفاظاً على استقرار أسرته، يجب على المرأة أن لا تقوي دوافع الشك في نفس زوجها، وتتعامل معه على أنه يمر بأزمة يحتاج لدعمها الكامل فيها؛ لطرد تلك الأفكار من رأسه، أما إذا وصل لحالة مرضية لا يمكن علاجها، ومحفوفة بالمخاطر على حياة المرأة أو الأطفال، فهنا يجب تدخل الأصوات الحكيمة العاقلة وتخليص الطرفين من تلك العلاقة السامة، التي تورث الدمار؛ بسبب الأفكار الشيطانية.
chefnevenabbas@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *