الدولية

طوارئ في لبنان.. والشارع يعترض

البلاد – مها العواودة

تواصل الطبقة الحاكمة في لبنان تعنتها متجاهلة كل الدعوات المحلية والدولية المنادية بضرورة بناء لبنان جديد بدون الهيمنة الإيرانية وسلاح “حزب الله” الذي جر لبنان إلى الهلاك، وحرف بوصلة سياسة البلاد الخارجية، إذ صادق مجلس النواب اللبناني أمس (الخميس)، على إعلان حالة الطوارئ في بيروت، وذلك في أول جلسة يعقدها منذ الانفجار المروع الذي وقع في مرفأ العاصمة مطلع هذا الشهر، وأسفر عن سقوط قتلى وجرحى إضافة إلى تدمير الممتلكات، وسط اعتراض من قبل المتظاهرين وتخوف من منظمات حقوقية بسبب القيود التي يتضمنها خصوصاً على حرية التجمع.

وقالت “المفكرة القانونية”، وهي منظمة غير حكومية تُعنى بدرس القوانين وتقييمها، في بيان لها إن”إعلان الطوارئ تبعاً للكارثة ولو جزئياً في بيروت يؤدي عملياً إلى تسليم مقاليد السلطة في المدينة إلى الجيش والمسّ بحريات التجمع والتظاهر. وهذا الأمر غير مبرر طالما أن الكارثة لم تترافق أقله حتى الآن مع أيّ خطر أمني”، بينما يطالب المتظاهرون في الشارع برحيل الطبقة السياسية مجتمعة وكل المسؤولين المتهمين بالفساد وعدم الكفاءة.

وأكد سياسيون مراقبون للشأن اللبناني لـ”البلاد”، أهمية الضغط الدولي والعربي الإيجابي للمساهمة في تحرير لبنان من براثن الدويلة، وأن ذلك كفيل بإنقاذ الشعب والوطن، داعين إلى نزع سلاح حزب الله غير الشرعي وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة وأبرزها قراري 1559 و1701.

وشدد الوزير والنائب السابق المحامي إيلي ماروني، على ضرورة السعي الجدي لكف يد “حزب الله” عن المؤسسات من خلال انتخابات نيابية سريعة بمراقبة دولية تنبثق بعدها حكومة أخصائيين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مقومات الدولة اللبنانية ليصار بعدها إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، إضافة إلى إعلان الحياد اللبناني عن الصراعات لمنع “حزب الله” من جر لبنان إلى خلافات وحروب الآخرين، خاصة وألا دولة بوجود الدويلة ولا سلاح يجب أن يكون إلا سلاح الجيش والقوى الأمنية الشرعية اللبنانية، مشيراً إلى أن ذلك لا يتحقق إلا بدعم دولي وعربي ولا سيما من المملكة التي دعمت دائماً حرية واستقلال واقتصاد وسياحة لبنان.

واعتبر ماروني أن الضغط الدولي والعربي الإيجابي للمساهمة في تحرير لبنان من براثن الدويلة كفيل بإنقاذ شعب ووطن ومؤسساته، موضحاً أن “حزب الله” تمادى في بسط هيمنة دويلته على حساب الدولة اللبنانية وسيادتها على أراضيها، كما سيطر على الحكومة اللبنانية وامتلك قراري الحرب والسلم، وانحرف بسياسة لبنان الخارجية عبر حلفائه إلى محور معاد لسياسة لبنان التقليدية والتاريخية من علاقات صداقة وأخوة مع دول عربية ولا سيما الخليجية، الأمر الذي أوصل لبنان نتيجة هذه السياسة إلى الانهيار الاقتصادي والتزعزع المالي وانتشار البطالة والفقر وملامسة الجوع .

من جانبه، أكد أستاذ القانون الدولي في الجامعات اللبنانية الدكتور طارق شندب أن طريق العودة إلى الدولة يكون عبر نزع سلاح “حزب الله” وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة، حيث بات ذلك ضرورة بعد انفجار بيروت الذي كشف عورة الدويلة التي تسيطر على المرافق الاقتصادية، وعجز الدولة عن السيطرة على مرفق اقتصادي مهم في البلاد، الأمر الذي يؤكد أن الدويلة جرت الفساد إلى لبنان برفقة الطبقة السياسية الحاكمة المتورطة في حماية الدويلة والسماح لها بنهش ما تشاء من الدولة اللبنانية.

وأشار إلى أن عودة دولة لبنان العربية القوية تكون بدون وجود مليشيات “حزب الله” وسلاحه غير الشرعي والتي جرت لبنان عبره إلى الخراب والويلات كما حدث في المرفأ وقبلها في حرب تموز ٢٠٠٧.
ويشير الباحث السياسي مكرم رباح، إلى أن العودة إلى الدولة اللبنانية الحرة والمستقلة وفق الدستور اللبناني تبدأ عبر رفض الطبقة السياسية الحالية ورفض سيطرة سلاح “حزب الله” وفساده الذي عرا لبنان وسلخه عن فلكه العربي.

وفي سياق ذي صلة، من المقرر أن تزور وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي بيروت، لاستقبال حاملة المروحيات “تونير” المكلفة بتقديم المساعدات للشعب اللبناني، كما سيزور وكيل وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل لبنان في الفترة ما بين 13 و15 أغسطس، للتأكيد على استعداد واشنطن لدعم أي حكومة لبنانية تعكس إرادة الشعب وتلتزم التزاماً حقيقياً بأجندة إصلاح تعمل وفقًا لها، وفقا لبيان السفارة الأمريكية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *