الأولى

المسجد النبوي .. هل زيارته واجبة على الحجاج ؟

المسجد النبوي

من ثنيات الوداع التي دخل عبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة على ظهر ناقته (القصواء ) في رحلة الهجرة من مكة ، بدأت اللحظة التي غيرت مجرى التاريخ وحياة البشرية وكتبت أمجاد الأمة ، وذلك عندما دخل صلى الله عليه وسلم المدينة وكلما مر على قوم قالوا : يا رسول الله هاهنا ، فيقول : دعوها فإنها مأمورة إلى أن أتى دار بني مالك بن النجار، فبركت ناقته على باب مسجده اليوم، وكان وقتها موقعا مملوكا لغلامين هما (سهل وسهيل ) وفيه خرب ونخل وقبور للمشركين ومربد وعندما نزل صلى الله عليه وسلم في دار أبي أيوب الأنصاري سأل عن المربد وأراد أن يتخذه مسجدا، فاشتراه من بني النجار بعد أن وهبوه له فأبى ان يقبل عرضهم ثم أمر بالقبور فنبشت، وبالنخل فقطعت، وبنى المسجد باللبن، والحجارة وجذوع النخل وسقفه من جريد النخل فكان المسجد النبوي أكبر المساجد في العالم وثاني أقدس موقع في الإسلام بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة، وهو المسجد الذي بناه النبي المدينة المنورة في السنة الأولى للهجرة الموافق 622م بجانب بيته بعد بناء مسجد قباء وبعد التوسعة التي قام بها عمر بن عبد العزيز عام 91 هـ أُدخِل فيه حجرة عائشة والمعروفة حالياً بـ “الحجرة النبوية الشريفة”، والمدفون فيها النبي وأبو بكر وعمر.

ولما كان كثير من الحجاج يعتقد أن من تمام الحج وكماله زيارة المسجد النبوي الشريف وإن لم يزره لم يكن قد حج.

 فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا هو: هل لزيارة المدينة والمسجد النبوي علاقة بالحج وما اذا كان يتوجب على الحجاج زيارته بعد أن أدوا طواف الوداع في ختام مناسك الحج وماذا يفعل الحاج عند زيارته له ؟ الجواب الصحيح انه يستحب للحاج أو المعتمر أن يزور المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة لإجماع العلماء على أن زيارة الحاج للمسجد النبوي سنة وليست واجبة، وليس لها تعلق بالحج، بل أن من السُنة أن يزار المسجد النبوي في جميع السنة، ولا يختص ذلك بوقت الحج؛ لقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى ) ، و :(صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام و : (ما بين بيتي ومنبري روضةٌ من رياضِ الجنة) وإذا ما وصل الحاج المسجِدَ صلَّى فيه ركْعتين تحيَّة المسجِد، أو صلَّى الفريضة إذا كان وقتَ فريضة ويذهب إلى قبْر النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فيقِف أمامَه ويسلِّم عليه قائلاً: “السَّلام عليك أيها النَّبيُّ ورحمة الله وبركاته، صلَّى الله عليك وجزاك الله عن أمَّتك خيرًا” ثم يَخطو عن يَمينه خطوة أو خطوتين فيقِف أمام قبر أبي بَكرٍ -رضي الله عنه- فيسلم عليه، ثم يَخطو عن يَمينِه خطوة أو خطوتين فيقِف أمام قبْر عُمر -رضي الله عنه- فيسلِّم عليْه ويَخرج إلى مسجد قباء متطهِّرًا ويصلِّي فيه ويخرج إلى البقيع، ويزورُ القُبور فيها، ويسلِّم على مَن فيها من المسلمين ثم يخرج إلى أُحُدٍ ويزورُ قَبْر حَمزة ومن معه من الشهداء، ويدعو لهم بالرَّحْمة والمغفرة. هذه هي المواضع التي تزار في المدينة المنورة، أما المساجد السبعة ومسجد القبلتين وغيرها من المواضع التي يذكر بعض المؤلفين في المناسك زيارتها فلا أصل لذلك ولا دليل عليه. والمشروع للمؤمن دائمًا هو الاتباع دون الابتداع. كما أن حديث: (من حج فلم يزرني فقد جفاني) فهو حديث ضعيف غير صحيح وموضوع.

هذا هو المسجد النبوي الذي وصفه الله عز وجل بأنه مسجد أسس على التقوى وفيه رجال يحبون أن يتطهروا، وقد كان مهبط الوحي وبه تربى الصحب المبارك على يد الحبيب المعصوم وكان للمسجد دور كبير في الحياة السياسية والاجتماعية، فكان بمثابة مركزٍ اجتماعيٍ، ومحكمة، ومدرسة دينية ولذلك يستحب للحاج أو المعتمر أن يزوره وهذه هي المدينة المنورة طيبة الطيبة ,مدينة الرسول التي وصفها الشاعر محمد المكي إبراهيم بقوله: (مدينتك الهُدى والنور .. مدينتك الحقيقة والسلام سلام الله يا أنحاء يثرب ..ويا جبل الشهادة والبقيع سلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *