اجتماعية مقالات الكتاب

بائع السعادة من يشتريه؟

في الحياة هناك أشخاص يعطون وآخرون يأخذون، مشاهد الحياة معقدة نوعاً ما بين المعقول واللامعقول، بين الرفض والإجابة، بين التمني والواقع كثيرة هي التناقضات والأحلام، خاصة داخل ذلك الشخص الذي يعطي دائماً دون إنتظار المقابل..

حين تكون شمعة تحترق من أجل الأخرين، ستدرك بعد أن يمر الوقت قيمة الضوء الذي كنت تبعثه ليضيئ روح كل من حولك بعد أن يحل الظلام عليك وتنطفئ،بائع السعادة الذي وهب حياته لإسعاد كل من حوله، من يسعده حينما يحزن، من يشتري جروحه وآلامه حين يتألم.

لمن لا يعرف هؤلاء جيداً، إنهم أشخاص يعظمون الحزن كثيراً داخل قلوبهم، بالرغم من ملامح الهدوء والسعادة التي تظهر علي ملامحهم، إلا أن بداخلهم نيران لا تهدأ، إنهم يجتهدون لإخفاء كل ملامح الحزن من علي وجههم ويسعون لبث روح السعادة على كل من حولهم، يعانون دائماً بحثاً عن الراحة لكنهم أبداً لا يجدونها بالرغم من كثرة الأشخاص حولهم، إنهم وحيدون تماماً، مبتسمون طوال الوقت، مثابرون، معلنون التضامن، يبعثون الدفء وروح التفاؤل في الغد المشرق داخل الجميع، لكن داخلهم مظلم تماماً وخائفون.

هؤلاء خير من يتمتع بروح العطاء والإيثار، فالشخص الذي يجتهد من أجل إسعاد الآخرين باستطاعته أن يضع أي خلاف جانباً ويتجاوز كل شيء في سبيل إسعاد غيره حتى ولو كان على حساب نفسه.

لكن في ذلك الوقت أصبح العطاء سلاحا ذا حدين، ففي كثير من الأوقات قد يتحول العطاء لحق مكتسب، خاصة وأن العطاء المبالغ فيه ليس بالضرورة أن يكون من الأمور الحميدة التي تكسبك قلوب من حولك، لأنه سيجعلك بعد ذلك تمر من نفس البوابة بنفس الطريقة، حتى ولو كنت تتألم لن تجد من يشعر بك من أولئك العابرين بجانبك، فقد تعود الجميع على أنك دائماً المبادر في تقديم السعادة، أنت الشخص الذي لا يحق له أن يحزن أو يستريح أو يتألم أو ينتظر التقدير أو المقابل ولو حتي المعنوي من أحد.

إهداء قلبك وسعادتك لإرضاء الآخرين ما هو إلا الشقاء بعينه، فعندما تحترق وتنطفئ سيمضي كل منهم في طريقه بحثاً عن مصدر آخر للضوء بعد أن حل الظلام عليك، لذلك إذا أردت أن تتبع فاتبع عقلك لا قلبك، فالأمور التي تتبعها بقلبك دائماً ما تكون أشد ألماً من الأمور التي اتبعتها بعقلك، لأن العقل ينظر للمستقبل مع القليل من العاطفة، أما القلب ينظر للعاطفة دون أن يفكر في المستقبل، وهذا الجزاء سيكون في النهاية تسول الحب والتقدير من الآخرين محملاً بالكثير من الأوجاع كان سببها يوم الحب المبالغ فيه والعطاء اللامحدود.

Nevenabbas88@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *