اجتماعية مقالات الكتاب

الحياة ما بعد كورونا

يدور الجدل حول العالم بقوة عن النقلات والتحولات التي ستطرأ على حياة البشر بعد انتهاء جائحة كورونا العالمية ومدي تأثير هذا التغيير والتحول علي الاقتصاد والسياسات العالمية .. والعادات الاجتماعية .. وطقوس الحياة اليومية .. بل ارى ان الامر سيتعدى الجوانب الناعمة في الحياة .. واقصد الامور الخاصة بالتصرفات والسلوك الجمعي للبشر .. حيث التحول والتغيير سيشمل اعادة تصميم البنى التحتية لوسائط التواصل التفاعلي وشبكات الانترنت المرئية والمحسوسة والملموسة بالمشاعر والاحاسيس ..

والتصاميم الداخلية للاجلاس في المطاعم وقاعات السينما والمسرح والاماكن العامة واساليب البيع الذاتي في الاسواق ومراكز التموين الغذائي وطرق عرض وتغليف الفواكه والخضروات والمخبوزات واساليب عرض وتقطيع اللحوم. والاسماك وطرق تنظيفها.
هذا وستتأثر صناعات اجهزة التكييف والتهوية في المنازل والمحلات والطائرات والمواصلات العامة عموما .. بالاضافة لاساليب تعقيم الاسطح والطرق والشوارع واجهزة الخدمات الالكترونية العامة .. بل سيطال التحول ايضا اعادة مفهوم بناء المجمعات السكنية والابراج العالية حتى يمكن التقليل من تجمعات البشر واحتكاكهم والتصاقهم وقربهم من بعضهم البعض.

وستبرز صناعات واجهزة الكترونية محمولة وملبوسة لتتفقد وتتابع المرضى وحاملي الفيروسات .. والقائمة ستطول.
ولكن اهم مرفق سيطاله التطوير والتغيير والتحول من حيث الاستراتيجيات والمسؤوليات هو ( القطاعات الصحية حول العالم ) في الادارة والتشغيل والتجهيز واعداد الكوادر الطبية المؤهلة وباعداد كافية وعوائد مجزية لهم.

وهذا التحول يتطلب انشاء جهاز او منظمة صحية كونية تكون قادرة وملزمة علي وضع المعايير والمقاييس والانظمة والفسوحات لدراسة واعتماد الافكار والابداعات الخاصة – بالامن القومي الصحي ـ والانذار المبكر لمكافحة الاوبئة والامراض المعدية.
وبعد هذه المقدمة سأستعرض معكم بعض ملامح التغيير والتحولات التي ستلامس حياتنا القادمة علي المستويين المنظور والبعيد.

** لقد اجبرتنا كورونا فجأة ومن دون سابق انذار على العمل والدراسة عن بعد ولقد اثبتت التجربة نجاعتها .. لذلك ارى انها ستبقي وستلقى قبولا وتأييدا من اغلب فئات المجتمع. وستغير الشركات ومنظمات التعليم اساليبها ومناهجها كي تتواءم مع متطلبات العمل عن بعد والدراسة عبر الانترنت .. وخصوصا البني التحتية لشبكات الانترنت والاجهزة المحمولة وبرمجيات التطبيقات الذكية ..وان تكون هذه الخدمات آنية وسريعة ومتاحة امام اعداد هائلة من البشر في آن واحد.
** ستختفي التعاملات الورقية والنقدية وتستبدل بالبطاقات الائتمانية والوسائط الافتراضية الالكترونية.

** سيتعزز مفهوم العولمة والعالمية في مجال الابحاث والتجارب العلمية لمحاربة الامراض والاوبئة المعدية بل سيتعدى ذلك الى الاختراعات والابداعات التكنولوجية وخير مثال على ذلك هو الجهد الحثيث الذي يبذله العالم متعاونا لايجاد لقاحات وعلاجات لفيروس كوفيد 19.

** بناء المجمعات السكنية والابراج العالية التي يتكدس فيها البشر بالآلاف .. اثبتت عدم جدواها وصلاحيتها في مكافحة الاوبئة ..ولا تحقق التباعد الاجتماعي بين القاطنين .. وهذا سيضع تحديات كبيرة امام المهندسين ومخططي المدن في كيفية التغلب على الاكتظاظ السكاني وشح الاراضي التي تعيق التوسع الافقي.

** ستتطور تكنولوجيا نظم الاوامر الصوتية والايمائية لتشغيل المصاعد ومكائن البيع الذاتية وفتح الابواب واغلاقها وطريقة استعمال الهواتف الذكية دون لمسها او ايجاد بدائل لها.

** سيتغير مفهوم مواصلات النقل الجماعي وسيحل محله نظم نقل شخصية تعمل بالتطبيقات البرمجية الذكية والاوامر الصوتية دون لمسها.

هذا غيض من فيض .. ويبقي السؤال الاهم: كيف ستكون العلاقات الانسانية المفعمة بالمشاعر والاحاسيس العميقة والتي لن تتحقق وتروى الا بالتقارب والانصهار والتوحد؟ .. هل ستتمكن البرمجيات الذكية ان تؤدي هذا الدور الانساني الراقي؟.

One Response

  1. اخي و استاذي ابا زياد

    عندما يندمج العلم مع الخبره و عندما يكون الكلام مخرجات الحياة المعاصرة .. نرى مثل هذه الكتابات التي تستوضح معان واسعه للمستقبل ، و من يعي و يتعلم من هذه الأزمه سيكون بخير من جميع مجالات الحياة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *