اجتماعية مقالات الكتاب

التنمر الإلكتروني

“زلابية”، كلمة السر وراء باب جديد من أبواب التنمر بحق فتاة مصرية تدعى هدير محمد، بدأت القصة بعد تسريب صور خاصة لها بحفل خطبتها وأثناء تواجدها بمركز تجميل، وسريعاً ما انتشرت الصور على مواقع التواصل حاملة كل أنواع السخرية والتنمر.

انتشرت العديد من التعليقات والمقاطع الساخرة التى تنتهك حقوقها وتنال من آدميتها وتسخر من وجهها ووزنها، فى مشهد تجرد المشاركين فيه من كل أشكال الإنسانية.

وفى اليوم التالى استيقظت على نبأ فسخ خطبتها بعدما أصبحت مادة دسمة للسخرية، ورحل الخطيب تاركاً فتاة بقلب مكسور لا تستطيع الخروج من منزلها لمواجهة الآخرين والدفاع عن نفسها بغير ذنب.

توجه خبير تجميل ومصور لعمل جلسة تصوير يبرز جمال وبساطة تلك الفتاة ويعيد لها قليلا من الثقة التى فقدتها بسبب الآخرين بالرغم من أن الكثير ممن نالوا منها يحملون قبحا داخليا لا يمكن تصوره، خرجت زلابية لتخبر الكاميرات التى توجهت أمام منزلها بأن لا حول لها ولا قوة فيما حدث وأن خطيبها تخلى عنها فى لحظة بسبب حكم الآخرين على مظهرها.

وفى كلمة موجعة، أخبرت زلابية الفريق الذى توجه لها بأنها ترغب فى العودة لمنزلها دون إزالة المكياج حتى يراها الجميع جميلة، وهنا يجب وضع حد للتنمر الإلكترونى الذى يعطى للأشخاص الحق للإساءة والعنف تجاه الآخرين.

فبالرغم من كل القوانين التى أوجدت فى كثير من الدول، إلا أنها لم تكن مجدية بقدر ما يكون قانون الضمير هو المعجزة، فإذا أردت أن تحترم إبدأ باحترامك لنفسك وأخلاقياتك أولاً، فاستغلال الكثيرين للتقنية الحديثة كشف حجم ضعف عقليات وثقافة البعض، وكشف حجم اتباع الكثيرين لعقيدة الأذى.

التنمر الإلكترونى فى الوطن العربى أكثر انتشاراً من أي بلد حضاري آخر، لأن الوعي الحضاري ما بين الشرق والغرب ما يزال بعيدا عن التطبيق وهو ما كشفته التقنية الحديثة خاصة وأن البعض لديهم إسراف فى ثقافة العداء وتصفية الحسابات بطرق هزلية ساخرة تحمل الكثير من العداء والتشهير، التنمر الإلكترونى يجب أن يعامل معاملة جرائم القتل، لأنه يقتل إنسانا على قيد الحياة بيننا بسلاح الكلمة، وهى سلاح أقوى حتى من السكين، فقانون الإنسانية وحده لا يكفي لردع هؤلاء، الذين نسى الكثيرون منهم أن زلابية وغيرها من عشرات الضحايا الذين أوقعهم حظهم العاثر بين يدي هؤلاء أن لهم قلبا يشعر تماماً مثلهم، وأنا على يقين بأن أي شخص منهم لم ولن يقبل بأي شكل من الأشكال التطاول عليه أو السخرية منه أو من أحد أفراد أسرته، فكما قال الإمام الشافعى :

إذا شئت أن تحيا سليما من الأذى، لسانك لا تذكر به عورة امرئ، وعينك إن أبدت إليك معايبا، وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى، وحظك موفور وعرضك صين، فكلك عورات وللناس ألسن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *