المحليات

تجويد الحياة بالمبادرات الذكية

 جدة ـ ياسر بن يوسف

يأتي برنامج جودة الحياة في المملكة تمشيا مع رؤية المملكة 2030. هذه الرؤية الطموحة التي تستند إلى مقوّمات المملكة ومكامن قوّتها لدعم المواطنين في تحقيق تطلعاتهم. وبرنامج جودة الحياة يركز على جعل المملكة من أفضل الأماكن للعيش، ويأخذ على عاتقه الاعتناء بجانبين رئيسيين تطوير نمط حياة الفرد، وتحسين البنية التحتية بالاعتماد على مؤشرات عالمية معروفة.

” البلاد ” التقت بعدد من المختصين فأوضحوا أنه “لا شيء أجمل من رؤية الغد من بدايات الأمس، حيث العزم والإخلاص يواكبان التقدُّم والتطور. مؤكدين أن جودة الحياة في السعودية” عنوان مليئ بالطموح والتفاؤل. ويتضمَّن برنامجاً ضخماً بدأ العمل على تحقيق أهدافه، ومن أهمها أن تكون المدن السعودية من أفضل المدن للعيش والحياة في العالم”.


في البداية أوضح الدكتور أسامه سجيني مدير الخدمات الصيدلانية في مستشفى العيون سابقا بقوله :”عندما يتناهى إلى الأسماع مصطلح “جودة الحياة”، كثيرون لا يعرفون معناه بدقة، ولا الدور الذي يضطلع به، “برنامج جودة الحياة” الذي هو على صلة وثيقة بقطاعات مختلفة مثل الصحة والرياضة والاقتصاد والتخطيط الحضري”. ويختلف تعريفه من شخص إلى آخر. إذ يحمل كلٌ من المواطن والمقيم والسائح تعريفاً مختلفاً لجودة الحياة. وهو برنامج يهدف أولاً وأخيراً إلى جعل المملكة أفضل مكان للعيش، وأن تكون المدن السعودية من بين أفضل المدن على مستوى العالم.

وللتعريف بشكل أعمق ببرنامج جودة الحياة وماهيته،هناك ركيزتان اساسيتان فيه وما تتضمَّنه كل منهما من عناوين فرعية فالركيزة الأولى تتمثل في قابلية العيش، وتشمل مشروعات البنية التحية، وكل ما يندرج تحتها من المشروعات التي تتطلَّب أوقاتاً طويلة لتنفيذها، ويندرج ضمن كلٍّ من هذه القطاعات عدد من المبادرات التي يتم تنفيذها إما من داخل البرنامج أو من خارجه.

أما الركيزة الثانية فهي نمط الحياة، ويشمل المشروعات سريعة التنفيذ والأثر، مثل إعادة افتتاح صالات السينما، واستضافة فعاليات ترفيهية ورياضية وثقافية عالمية، وتهيئة الأجواء في الملاعب لتحسين تجربة الحضور، وتطوير قطاع المطاعم والمقاهي.


تشجيع الابتكار
كما أن برنامج جودة الحياة يلتزم بتشجيع الابتكار من خلال تطوير الأنظمة والمواهب والكفاءات، بوجود أكثر من 200 مبادرة تصب في مؤشرات البرنامج، منها 119 مبادرة تصب في المؤشرات ولا يشرف عليها البرنامج بشكل مباشر مثل مشاريع جودة الطرق. و97 مبادرة يشرف عليها البرنامج بشكل مباشر ويقوم بتنفيذ بعضها. ومن الأمثلة على ذلك، إعادة افتتاح صالات السينما، وتحسين تجربة حضور المباريات وتطوير المنشآت الرياضية، وتنظيم مئات الفعاليات ضمن مواسم السعودية، ومن ضمنها فعاليات عالمية، وغير ذلك الكثير.

رعاية صحية
وفي السياق نفسه تحدث الدكتور محمد بكر صالح احد منسوبي وزارة الصحة سابقا عن الرعاية الصحية الشاملة في المملكة، التي تُعدُّ الركن الأساس الذي تقوم عليه جودة الحياة. فأشار إلى أن سكان المملكة يحظون برعاية شاملة عبر تغطية واسعة يوفرها أكثر من 2,400 مركز للرعاية الصحية الأولية، و280 مستشفى، وعدد أسرّة يفوق 43,000 سرير، وأكثر من 350,000 زيارة للرعاية الصحية المنزلية سنوياً.
وتطرق إلى جوانب متعلقة بجودة الحياة من الناحية الصحية مثل برنامج التحوُّل الوطني الذي يهتم كذلك بالصحة النفسية، وخفض نسب التدخين، والحد من انتشار السُّمْنة.

وأضاف إن إحدى مراحل التحوُّل في الرعاية الصحية تكمن في ما يسمى بـ “الرعاية التلطيفية”. وهي تكون للمصابين بأمراض مستعصية من مواطنين ومقيمين، وتؤمّن لهم الرعاية الكاملة في المنزل لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر، ولعدة مرَّات في اليوم حسب الحالة.
وفي جانب آخر من جوانب جودة الحياة الصحية؛ أنه “الآن يمكن التواصل مع استشاريّين مختصين باستخدام الهاتف على مدار 24 ساعة من خلال الاتصال على الرقم (937).

وتابع بقوله إن الحملات التي أطلقتها وزارة الصحة، وكان آخرها نشر ملف PDF للإسعافات الأولية عبر منصات التواصل الاجتماعي بين المواطنين، وإطلاق حملة توعوية حول مرض السكري حصدت عديداً من الجوائز المحلية والعالمية، وتقدم مبادرة المشي التي شملت أكثر من 20 مدينة.. وغير ذلك.


قيادة المرأة
ومن جانبها أوضحت الدكتورة جميلة الهاشمي استاذ التغذية بجامعة الملك عبد العزيز “إن قيادة المرأة السعودية للسيارة أثّرت فينا إيجاباً بشكل كبير وملحوظ. . فالآن، ونحن خلف المِقوَد أصبحنا نتحكم بأوقاتنا بشكل أفضل، ولم نعد مرتبطين بأحد أو بجدول معيّن، ونطمح لأن يكون هناك مزيد ومزيد من التقدُّم في جودة الحياة في المملكة. وأضافت بقولها “أما على الصعيد الاقتصادي، فإن أهداف برنامج جودة الحياة تعمل بشكل تدريجي على تحرير الأصول الخاصة بالحكومة إلى القطاع الخاص. والدولة تتوجه اليوم إلى دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وهو توجه مختلف وإيجابي.

ومن المرجّح أننا سنمر بأوقات صعبة بسبب المقاومة للتغيرات الاقتصادية، إلى أن يستوعب الجميع أن قوانين الأداء قد تغيرت”. وتابعت بقولها: هناك دراسة قديمة تربط ما بين الفنون والرسم والمسرح والرياضة وبين إنتاجية المجتمع وتطوره بشكل عام. فالولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، كانت المتصدرة في براءات الاختراع خلال السنوات العشر الأخيرة، بفارق 200 % عن الدولة التي تليها مباشرة. ولا يمكن تحقيق مثل هذه الإنجازات من دون أن تحصل تغييرات أخرى في الاقتصاد، وحول أثر ازدياد الوظائف وما إذا كان سيؤدي إلى تضخم، قال إن البعض يخشى من ارتفاع التضخم في حال ازدادت الوظائف خلال الفترة المقبلة. لكن إذا انخفضت البطالة فسيقابلها نمو في السلع والخدمات. بالتالي لن يرتفع معدل التضخم كما يخشى البعض.

وفي ما يتعلق بعمل الوافدين في المملكة، أشارت إلى أن من أهداف البرنامج التركيز على استقطاب الوافدين الذين قد يضيفون إلى الدولة من خبراتهم المتقدِّمة، وذلك من خلال تقديم مستوى معيشي جيد لهم ووسائل ترفيهية جاذبة.


نشر المعرفة بين أفراد المجتمع
يؤكد الخبراء أن المرحلة القادمة تتطلب نشر المعرفة بين أفراد المجتمع عن مفهوم جودة الحياة وعن أهداف برنامج جودة الحياة المتنوِّعة في مجالات الحياة، وتشجيع الجميع للمشاركة في مبادراته المختلفة، والتفاعل مع أنشطة الجهات الحكومية والخاصة التي تدعم مثل هذه البرامج، من أجل تحقيق رؤية برنامج جودة الحياة التي تسعى إلى بناء مجتمع سعودي ينعم بالرفاهية والازدهار، وقادر على استكمال مسيرته الحضارية ليتبوأ مكانة متقدِّمة بين الأمم. حيث تتوفر حالياً بالمملكة تجمعات صحية سيكون التركيز فيها أكبر على تقديم الرعاية الوقائية لصحة الإنسان أكثر من التركيز على العلاج. كما أنه يجب توظيف الشغف والهوايات، بسبب المنافسة العالية بين القطاعات الاستهلاكية التي تولد وظائف جديدة كل يوم.

وجودة الحياة تبدأ من الحي السكني، لأن كل شرائح المجتمع تعيش في الحي السكني وتمضي به معظم أوقاتها ومن هنا ينبع مفهوم أنسنة المدن وأنسنة الأحياء السكنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *